ذكر
ولاية سليمان بن عبد الله بن طاهر بغداذ وشغب الجند والعامة بها
وفي رمضان وثب عامة
بغداذ وجندها
بمحمد بن أوس البلخي .
وكان السبب في ذلك أن
محمد بن أوس قدم من
خراسان مع
سليمان بن عبد الله بن طاهر على الجيش القادمين من
خراسان ، وعلى
الصعاليك الذين معهم ، ولم تكن أسماؤهم في ديوان
العراق ; وكانت العادة أن يقام لمن يقدم من
خراسان بالعراق ما كان لهم
بخراسان ، ويكون وجه ذلك من دخل ضياع ورثة
nindex.php?page=showalam&ids=16245طاهر بن الحسين ، ويكتب إلى
خراسان ليعطى الورثة من بيت المال عوضه .
فلما سمع
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بقدوم
سلمان إلى
العراق ، ومصير الأمر إليه ، أخذ ما في بيت مال الورثة ، وأخذ نجوما لم تحل ، وسار ، فأقام بالجويب ، في
شرقي دجلة ، ثم انتقل إلى غربيها ، فقدم
سليمان فرأى بيت مال الورثة فارغا ، فضاقت عليه الدنيا ، وأعطى أصحابه من أموال جند
بغداذ ، وتحرك الجند والشاكرية في طلب الأرزاق .
وكان الذين قدموا مع
محمد بن أوس من
خراسان قد أساءوا مجاورة أهل
بغداذ ،
[ ص: 261 ] وجاهروا بالفاحشة ، وتعرضوا للحرم ، والغلمان بالقهر ، فامتلئوا عليهم غيظا وحنقا ، فاتفق العامة مع الجند ، وثاروا ، وأتوا سجن
بغداذ ، عند
باب الشام ، فكسروا بابه ، وأطلقوا من فيه ، وجرت حرب بين القادمين مع
ابن أوس وبين أهل
بغداذ ، فعبر
ابن أوس وأصحابه وأولاده إلى الجزيرة ، وتصايح الناس : من أراد النهب فليلحق بنا ! فقيل إنه عبر إلى الجزيرة من العامة أكثر من مائة ألف نفس ، وأتاهم الجند في السلاح ، فهرب
ابن أوس إلى منزله ، فتبعه الناس ، فتحاربوا نصف نهار حربا شديدة ، وجرح
ابن أوس ، وانهزم هو وأصحابه ، وتبعهم الناس حتى أخرجوهم من
باب الشماسية ، وانتهبوا منزله وجميع ما كان فيه ، فقيل : كان قيمة ذلك ألفي درهم ، وأخذوا له من الأمتعة ما لا حد عليه ، ونهب أهل
بغداذ منازل الصعاليك من أصحابه .
فأرسل
سليمان بن عبد الله إلى
ابن أوس يأمره بالمسير إلى
خراسان ، ويعلمه أنه لا طريق له إلى العود إلى
بغداذ ، فرحل إلى
النهروان ، فنهب وأفسد ، ثم أتى
بايكباك التركي ، كتب إليه ولاة طريق
خراسان في ذي القعدة .
وكان
مساور بن عبد الحميد قد استخلف رجلا اسمه
موسى بالدسكرة ونواحيها ، في ثلاثمائة رجل ، وإليه ما بين
حلوان والسوس على طريق
خراسان وبطن جوخى .
وفيها أمر
المهتدي بإخراج القيان والمغنين من
سامرا ، ونفاهم عنها ، وأمر أيضا بقتل السباع التي كانت بدار السلطان ، وطرد الكلاب ، ورد المظالم ، وجلس للعامة ، ولما ولي كانت الدنيا كلها بالفتن منسوخة .