ذكر
اختلاف الخوارج على مساور
في هذه السنة خالف إنسان من
الخوارج اسمه
عبيدة من
بني زهير العمروي على
مساور .
وسبب ذلك أنه خالفه في توبة المخطئ ، فقال
مساور : نقبل توبته ; وقال
عبيدة : لا نقبل ، فجمع
عبيدة جمعا كثيرا وسار إلى
مساور ، وتقدم إليه
مساور من
الحديثة ، فالتقوا بنواحي
جهينة ، بالقرب من
الموصل ، في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين [ ومائتين ] ، واقتتلوا أشد قتال ، فترجل من عنده ، ومعه جماعة من أصحابه ، عرقبوا دوابهم ، فقتل
عبيدة ، وانهزم جمعه ، فقتل أكثرهم ، واستولى
مساور على كثير من
العراق ، ومنع الأموال عن الخليفة ، فضاقت على الجند أرزاقهم ، فاضطرهم ذلك إلى أن سار إليه
موسى بن بغا ،
وبايكباك ، وغيرهما في عسكر عظيم ، فوصلوا إلى السن ، فأقاموا به ، ثم عادوا إلى
سامرا ، لما نذكره من خلع
المهتدي .
فلما ولي
المعتمد الخلافة سير
مفلحا إلى
مساور في عسكر كبير ، حسن العدة ، فلما قارب
الحديثة ( فارقهم
مساور ، وقصد جبلين يقال لأحدهما زيني ، وللآخر عامر ، وهما بالقرب من
الحديثة ، فتبعه
مفلح ، فعطف عليه
مساور وهو في أربعة آلاف فارس ، فاقتتل هو
ومفلح .
وكان
مساور قد انصرف عن حرب
عبيدة ( وقد جمع كثيرا ) من أصحابه ، فلقوا
مفلحا بجبل زيني ، فلم يصل
مفلح منه إلى ما يريده ، ( فصعد رأس الجبل فاحتمى
[ ص: 282 ] به ) ، ونزل
مفلح في ( أصل الجبل ) ، وجرى بينهما وقعات كثيرة ، ثم أصبحوا يوما ، وطلبوا
مساورا ، فلم يجدوه ، وكان قد نزل ليلا من غير الوجه الذي فيه
مفلح ، لما أيس من الظفر لضعف أصحابه من الجراح ، ( فحيث لم ) يره
مفلح سار إلى
الموصل ، فسار إلى
الموصل ، فسار منها إلى
ديار ربيعة سنجار ،
ونصيبين ،
والخابور ، فنظر في أمرها ، ثم ( عاد إلى )
الموصل ، فأحسن السيرة في أهلها ، ورجع عنها في رجب متأهبا للقاء
مساور .
( فلما قارب
الحديثة فارقها
مساور ، وكان قد عاد إليها عند غيبة
مفلح ، فتبعه
مفلح ، فكان
مساور ) يرحل عن المنزل ، فينزله
مفلح ، فلما طال الأمر على
مفلح ، وتوغل في الجبال والشعاب ، والمضايق ( وراء
مساور ) ، ولحق الجيش الذي معه مشقة ، ونصب ، عاد عنه ، فتبعه
مساور يقفو أثره ، ويأخذ كل من ينقطع عن ساقة العسكر ، فرجع إليه طائفة منهم فقاتلوه ، ثم عادوا ولحقوا
مفلحا ، ووصلوا الحديثة ، فأقام بها
مفلح أياما ، وانحدر أول شهر رمضان إلى
سامرا ، فاستولى حينئذ
مساور على البلاد ، وجبى خراجها ، وقويت شوكته ، اشتد أمره .