ذكر
أخذ الزنج البصرة وتخريبها
لما سار
سعيد عن
البصرة ضم السلطان عمله إلى
منصور بن جعفر الخياط ، وكان منه ما ذكرنا ، ولم يعد
منصور لقتاله ، واقتصر على تخفير القيروانات والسفن ، فامتنع أهل
البصرة ، فعظم ذلك على العلوي ، فتقدم إلى
علي بن أبان بالمقام
بالخيزرانية ليشغل
منصورا عن تسيير القيروانات ، فكان بنواحي
جي ،
والخيزرانية ، وشغل
منصورا ، فعاد
أهل البصرة إلى الضيق ، وألح أصحاب الخبيث عليهم بالحرب صباحا ومساء .
فلما كان في شوال أزمع الخبيث على جمع أصحابه لدخول
البصرة ، والجد في إخرابها لضعف أهله وتفرقهم ، وخراب ما حولهم من القرى ، ثم أمر
محمد بن يزيد الدارمي ، وهو أحد من صحبه
بالبحرين ، أن يخرج إلى الأعراب ليجمعهم ، فأتاه منهم خلق كثير ، فأناخوا بالقندل ، ووجه إليهم العلوي
سليمان بن موسى الشعراني ، وأمرهم بتطرق
البصرة والإيقاع بها ليتمرن الأعراب على ذلك ، ثم أنهض
علي بن أبان ،
[ ص: 297 ] وضم إليه طائفة من الأعراب ، وأمر بإتيان
البصرة من ناحية
بني سعيد ، وأمر
يحيى بن محمد البحراني بإتيانها مما يلي
نهر عدي ، وضم إليه سائر الأعراب ، فكان أول من واقع
أهل البصرة علي بن أبان ، وبفراج يومئذ
بالبصرة ، في جماعة من الجند ، فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه .
وأقبل
يحيى بن محمد فيمن معه نحو الجسر ، فدخل
علي بن أبان وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال ، فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة ، وليلة السبت ، ويوم السبت ، وغادى
يحيى البصرة يوم الأحد ، فتلقاه
بفراج وبرية في جمع فردوه ، فرجع يومه ذلك .
ثم غاداهم اليوم الآخر ، فدخل وقد تفرق الجند ، وهرب برية ، وانحاز
بفراج ومن معه ، ولقيه
إبراهيم بن يحيى المهلبي ، فاستأمنه لأهل
البصرة ، فأمنهم ، فنادى منادي
إبراهيم : من أراد الأمان فليحضر دار
إبراهيم ، فحضر
أهل البصرة قاطبة ، حتى ( ملئوا الرحاب ) فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا ، فغدر بهم وأمر أصحابه بقتلهم ، فكان السيف يعمل فيهم ، وأصواتهم مرتفعة بالشهادة ، فقتل ذلك الجمع كله ، ولم يسلم إلا النادر منهم ، ثم انصرف يومه ذلك إلى الحربية .
ودخل
علي بن أبان الجامع فأحرقه ، وأحرقت
البصرة في عدة مواضع ، منها
المربد ،
وزهران ، وغيرهما ، واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل ، وعظم الخطب ، وعمها القتل والنهب والإحراق ، وقتلوا كل من رأوه بها ، فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه ; ومن كان فقيرا قتلوه لوقته ، بقوا كذلك عدة أيام .
ثم أمر
يحيى أن ينادى بالأمان ليظهروا ، فلم يظهر أحد ; ثم انتهى الخبر إلى الخبيث ، فصرف
علي بن أبان عنها ، وأقر
يحيى عليها لموافقته هواه في كثرة القتل ،
[ ص: 298 ] وصرف
عليا لإبقائه على أهلها ، فهرب الناس على وجوههم وصرف الخبيث جيشه عن
البصرة .
فلما أخرب
البصرة انتسب إلى
يحيى بن زيد ، وذلك لمصير جماعة من
العلويين إليه ، وكان فيهم
علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد وجماعة من نسائهم ، فترك الانتساب إلى
عيسى بن زيد ، وانتسب إلى
يحيى بن زيد ، قال
القاسم بن حسن النوفلي : كذب
ابن يحيى لم يعقب غير بنت ماتت وهي ترضع .