ذكر
مسير أبي أحمد إلى الزنج وقتل مفلح
وفيها ، في ربيع الأول ، عقد
المعتمد لأخيه
أبي أحمد على ديار
مصر ،
وقنسرين ،
والعواصم ، وخلع عليه وعلى
مفلح في ربيع الآخر ، وسيرهما إلى حرب
الزنج بالبصرة ، وركب
المعتمد معه يشيعه ، وسار نحو
البصرة ، ونازل العلوي وقاتله .
وكان سبب تسييره ما فعله
بالبصرة ، وأكبر الناس ذلك ، وتجهزوا إليه وساروا في عدة حسنة كاملة ، وصحبه من سوقة
بغداذ خلق كثير .
وكان
علي بن أبان بجي ، على ما ذكرنا ، وسار
يحيى بن محمد البحراني إلى
نهر العباس ، ومعه أكثر الزنوج ، فبقي صاحبهم في قلة من الناس ، وأصحابه يغادون
البصرة ويراوحونها لنقل ما نالوه منها ، فلما نزل عسكر
أبي أحمد بنهر معقل ، احتفل من فيه من الزنوج إلى صاحبهم مرعوبين ، وأخبروه بعظم الجيش وأنهم لم يرد عليهم مثله ، وأحضر رئيسين من أصحابه ، فسألهما عن قائد الجيش فلم يعرفاه ، فجزع ، وارتاع .
ثم أرسل إلى
علي بن أبان يأمره بالمسير إليه فيمن معه ، فلما كان يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى أتاه بعض قواده ، فأخبره بمجيء العسكر وتقدمهم ، وأنهم ليس في وجوههم من يردهم من الزنوج ، وكذبه ، وسبه ، وأمر فنودي في الزنوج
[ ص: 304 ] بالخروج إلى الحرب ، فخرجوا ، فرأوا
مفلحا قد أتاهم في عسكر لحربهم ، فقاتلهم ، فبينما
مفلح يقاتلهم إذ أتاه سهم غرب لا يعرف من رمى به ، فأصابه ، فرجع وانهزم أصحابه ، وقتلوا فيهم قتلا ذريعا ، وحملوا الرءوس إلى العلوي ، واقتسم الزنج ( لحوم القتلى ) .
وأتي بالأسرى ، فسألهم عن قائد الجيش ، فأخبروه أنه
أبو أحمد ، ومات
مفلح من ذلك السهم ، فلم يلبث العلوي إلا يسيرا حتى وافاه
علي بن أبان .
ثم إن
أبا أحمد رحل نحو الأبلة ليجمع ما فرقته الهزيمة ، ثم سار إلى
نهر أبي الأسد ، ولما علم الخبيث كيف قتل
مفلح ، ولم ير أحدا يدعي قتله ، زعم أنه هو الذي قتله ، وكذب فإنه لم يحضره .