ذكر
الفتنة ببلاد الصين
وفي هذه السنة ظهر ببلاد
الصين إنسان لا يعرف ، فجمع جمعا كثيرا من أهل الفساد والعامة ، فأهمل الملك أمره استصغارا لشأنه ، فقوي ، وظهر حاله ، وكثف جمعه ، وقصده أهل الشر من كل ناحية ، فأغار على البلاد وأخربها ، ونزل على مدينة
خانقوا ، وحصرها وهي حصينة ، ولها نهر عظيم ، وبها عالم كثير من المسلمين ،
والنصارى ،
واليهود ،
والمجوس ، وغيرهم من
أهل الصين ، فلما حصر البلد اجتمعت عساكر الملك ، وقصدته ، فهزمها ، وافتتح المدينة عنوة ، وبذل السيف ، فقتل منهم ما لا يحصى كثرة .
ثم سار إلى المدينة التي فيها الملك ، وأرادوا حصرها ، فالتقاه ملك
الصين ، ودامت الحرب بينهم نحو سنة ، ثم انهزم الملك ، وتبعه الخارجي إلى أن تحصن منه في مدينة من أطراف بلاده ، واستولى
الخارجي على أكثر البلاد ، والخزائن ، وعلم أنه لا بقاء له في الملك إذ ليس هو من أهله ، فأخرب البلاد ونهب الأموال ، وسفك الدماء .
فكاتب ملك
الصين ملوك الهند يستمدهم ، فأمدوه بالعساكر ، فسار إلى
الخارجي ، فالتقوا ، واقتتلوا نحو سنة أيضا ، وصبر الفريقان ، ثم إن
الخارجي عدم ، فقيل : إنه قتل ، وقيل بل غرق ، وظفر الملك بأصحابه ، وعاد إلى مملكته .
ولقب ملوك
الصين :
يعفور ، ومعناه ابن السماء تعظيما لشأنه ; وتفرق الملك عليه ، وتغلبت كل طائفة على طرف من البلاد ، وصار
الصين على ما كان عليه ملوك الطوائف ، يظهرون له الطاعة ، وقنع منهم بذلك ، وبقي على ذلك مدة طويلة .