ذكر
مسير الموفق إلى الأهواز وإجلاء الزنج عنها
فلما فرغ
nindex.php?page=showalam&ids=15360أبو أحمد الموفق من
المنصور رحل نحو
الأهواز لإصلاحها وإجلاء
الزنج عنها ، فأمر ابنه
أبا العباس أن يتقدمه ، فأمر بإصلاح الطريق للجيوش ، استخلف على من ترك من عسكره
بواسط ابنه
هارون ، ولحقه
زيرك فأخبره بعود
أهل طهثا إليها ، وأمن الناس ، فأمر
الموفق بالانحدار في الشذا والسميريات مع نصير ، وتتبع المنهزمين ، والإيقاع بهم وبمن ظفروا به من
الزنج ، حتى ينتهي إلى مدينة
الخبيث بنهر أبي الخصيب ، وسار .
وارتحل
الموفق مستهل جمادى الآخرة من
واسط حتى أتى
السوس ، وأمر مسرورا بالقدوم عليه ، وهو عامله هناك ، فأتاه .
وكان
الخبيث لما بلغه ما عمل
الموفق بسليمان بن جامع والزنج خاف أن يأتيه وهو على حال تفرق أصحابه عنه ، وكتب إلى
علي بن أبان بالقدوم عليه ، وكان
بالأهواز في
[ ص: 381 ] ثلاثين ألفا ، فترك جميع ما كان عنده من طعام ودواب وأغنام ، وغير ذلك ، واستخلف عليه
محمد بن يحيى الكرنبائي ، فلم يقم ، واتبع
عليا .
وكتب صاحب
الزنج أيضا إلى
بهبود بن عبد الوهاب ، وهو
بالفندم والباسيان وما اتصل بهما ، يأمره بالقدوم عليه ، فترك ما كان عنده من الذخائر ، وسار نحوه ، فحوى ذلك جميعه
الموفق ، وقوي به على حرب
الخبيث .
ولما سار
علي بن أبان عن
الأهواز تخلف بها جمع من أصحابه ، زهاء ألف رجل ، فأرسلوا إلى
الموفق يطلبون الأمان فأمنهم ، فقدموا عليه ، فأجرى عليهم الأرزاق ، ثم رحل عن
السوس إلى
جنديسابور ،
وتستر ، وجبى الأموال ، ووجه إلى
محمد بن عبيد الله الكردي ، وكان خائفا منه ، فأمنه وعفا عنه ، فطلب منه الأموال والعساكر ، فحضر عنده فأحسن إليه .
ثم رحل إلى
عسكر مكرم ، ووافى
الأهواز ، ثم رحل عنها إلى
نهر المبارك من
فرات البصرة ، وكتب إلى ابنه
هارون ليوافيه بجميع الجيش إلى
نهر المبارك ، فلقيه الجيش
بالمبارك منتصف رجب .
وكان
زيرك ، ونصير لما خلفهما
الموفق ليتتبعا
الزنج انحدرا حتى وافيا
الأبلة ، فأستأمن إليهما رجل أخبرهما أن
الخبيث قد أنفذ إليهما عددا كثيرا في الشذا ، والسميريات إلى
دجلة ليمنع عنها من يريدها ، فإنهم يريدون عسكر
نصير ، وكان عسكره بنهر المرأة ، فرجع
نصير إلى عسكره من
الأبلة لما بلغه ذلك ، وسار زيرك من طريق آخر ، لأنه قدر أن
الزنج يأتون عسكر
نصير من ذلك الوجه ، فكان كذلك ، فلقيهم في طريقهم ، فظفر بهم ، وانهزموا منه ، وكانوا قد جعلوا كمينا ، فدل
زيرك عليه ، فتوغل حتى أتاه فقتل من الكمناء جماعة وأسر جماعة .
[ ص: 382 ] وكان ممن ظفر به مقدم
الزنج ، وهو
أبو عيسى محمد بن إبراهيم البصري وهو من أكابر قوادهم ، وأخذ منهم ما يزيد على ثلاثين سميرية ، فجزع لذلك جميع
الزنج ، فأستأمن إلى
نصير منهم زهاء ألفي رجل ، فكتب بذلك إلى
الموفق ، فأمره بقبولهم والإقبال إليه
بالنهر المبارك ، فوافاه هناك .
وأمر
الموفق ابنه
أبا العباس بالمسير إلى محاربة العلوي بنهر أبي الخصيب ، فسار إليه ، فحارب من بكرة إلى الظهر ، فأستأمن إليه قائدا من قواد العلوي ومعه جماعة ، فكسر ذلك
الخبيث ، وعاد
أبو العباس بالظفر ، وكتب
الموفق إلى
العلوي كتابا يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى مما ركب من سفك الدماء ، وانتهاك المحارم ، وإخراب البلدان ، واستحلال الفروج والأموال ، وادعاء النبوة والرسالة ، ويبذل له الأمان ، فوصل الكتاب إليه ، فقرأه ، ولم يكتب جوابه .