ذكر
إرسال أبي عبد الله الشيعي إلى المغرب
كان
nindex.php?page=showalam&ids=14611أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكرياء الشيعي من أهل
صنعاء ، وقد سار إلى
ابن حوشب النجار ، وصحبه
بعدن ، وصار من كبار أصحابه ، وكان له علم وفهم ودهاء ومكر ، فلما أتى خبر وفاة
الحلواني وأبي سفيان ( إلى
ابن حوشب ) قال
لأبي عبد الله الشيعي : إن أرض
كتامة من
المغرب قد حرثها
الحلواني وأبو سفيان ، وقد ماتا ، وليس لها غيرك ، فبادر ، فإنها موطأة ممهدة لك .
فخرج
أبو عبد الله ( إلى
مكة ) ، وأعطاه
ابن حوشب مالا ، وسير معه
عبد الله بن
[ ص: 584 ] أبي ملاحف ، فلما قدم
أبو عبد الله مكة سأل عن حجاج
كتامة فأرشد إليهم ، فاجتمع بهم ، ولم يعرفهم قصده ، وجلس قريبا منهم ، فسمعهم يتحدثون بفضائل أهل البيت ، فأظهر استحسان ذلك ، وحدثهم بما لم يعلموه ،
فلما أراد القيام سألوه أن يأذن لهم في زيارته والانبساط معه ، فأذن لهم في ذلك ، فسألوه أين مقصده ، فقال : أريد
مصر ، ففرحوا بصحبته .
وكان من رؤساء
الكتاميين بمكة رجل اسمه
حريث الجميلي ، وآخر اسمه
موسى بن مكاد ، فرحلوا ، وهو لا يخبرهم بغرضه ، وأظهر لهم العبادة ، والزهد ، فازدادوا فيه رغبة ، وخدموه ، وكان يسألهم عن بلادهم وأحوالهم وقبائلهم ، وعن طاعتهم لسلطان
إفريقية ، فقالوا : ما له علينا طاعة ، وبيننا وبينه عشرة أيام .
قال : أفتحملون السلاح ؟ قالوا : هو شغلنا ، ولم يزل يتعرف أحوالهم ، حتى وصلوا إلى
مصر ، فلما أراد وداعهم قالوا له : أي شيء تطلب
بمصر ؟ قال : أطلب التعليم بها ، قالوا : إذا كنت تقصد هذا فبلادنا أنفع لك ، ونحن أعرف بحقك ، ولم يزالوا به حتى أجابهم إلى المسير ( معهم ) بعد الخضوع والسؤال ، فسار معهم .
فلما قاربوا بلادهم لقيهم رجال من
الشيعة ، فأخبروهم بخبره ، فرغبوا في نزوله عندهم ، واقترعوا فيمن يضيفه ( منهم ) ثم رحلوا حتى وصلوا إلى أرض
كتامة ، منتصف شهر ربيع الأول سنة ثمانين ومائتين ، فسأله قوم منهم أن ينزل عندهم حتى يقاتلوا دونه ، فقال لهم : أين يكون
فج الأخيار ؟ فتعجبوا من ذلك ، ولم يكونوا ذكروه له ، فقالوا له : عند
بني سليان .
فقال : إليه نقصد ، ثم نأتي قوما منكم في دياركم ، ونزورهم في بيوتهم ، فأرضى بذلك الجميع .
[ ص: 585 ] وسار إلى جبل يقال له
إنكجان ، وفيه
فج الأخيار ، ( فقال : هذا فج الأخيار ) ، وما سمي إلا بكم ، ولقد جاء في الآثار : إن
للمهدي هجرة تنبو عن الأوطان ، ينصره فيها الأخيار من ( أهل ) ذلك الزمان ، قوم مشتق اسمهم من الكتمان ، ( فإنهم
كتامة ) ، وبخروجكم من هذا
الفج يسمى
فج الأخيار .
فتسامعت القبائل ، وصنع من الحيل والمكيدات والنارنجيات ما أذهل عقولهم ، وأتاه
البربر من كل مكان ، وعظم أمره إلى أن تقاتلت
كتامة عليه مع قبائل
البربر ، وسلم من القتل مرارا وهو ( في كل ) ذلك لا يذكر اسم
المهدي ، فاجتمع أهل العلم على مناظرته وقتله ، فلم يتركه
الكتاميون يناظرهم ، وكان اسمه عندهم
أبا عبد الله المشرقي .
وبلغ خبره إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12587إبراهيم بن أحمد بن الأغلب أمير
إفريقية ، فأرسل عامله على
مدينة ميلة يسأله عن أمره ، فصغره وذكر ( له ) أنه يلبس الخشن ، ويأمر بالخير والعبادة فسكت عنه .
ثم إنه قال
للكتاميين : أنا صاحب البدر الذي ذكر لكم
أبو سفيان والحلواني ، فازدادت محبتهم له ، وتعظيمهم لأمره ، وتفرقت كلمة
البربر وكتامة بسببه ، فأراد بعضهم قتله ، فاختفى ، ووقع بينهم قتال شديد ، واتصل الخبر بإنسان اسمه
الحسن بن هارون ، وهو من أكابر
كتامة ، فأخذ
أبا عبد الله إليه ، ودافع عنه ، ومضيا إلى مدينة
ناصرون ، فأتته القبائل من كل مكان وعظم شأنه ، وصارت الرئاسة
للحسن بن هارون .
[ ص: 586 ] وسلم إليه
أبو عبد الله أعنة الخيل ، وظهر من الاستتار ، وشهر الحروب ، فكان الظفر له فيها ، وغنم الأموال ، وانتقل إلى مدينة
ناصرون وخندق عليها ، فزحفت قبائل
البربر إليها ، واقتتلوا ، ثم اصطلحوا ، ثم أعادوا القتال ، وكان بينهم وقائع كثيرة وظفر بهم ، وصارت إليه أموالهم ، فاستقام له أمر
البربر وعامة
كتامة .