ذكر
ملكه مدينة ميلة وانهزامه
فلما تم
لأبي عبد الله ذلك زحف إلى مدينة
ميلة ، فجاءه منها رجل اسمه
الحسن بن أحمد ، فأطلعه على غرة البلد ، فقاتل أهله قتالا شديدا ، وأخذ الأرباض ، فطلبوا منه الأمان فأمنهم ، ودخل مدينة
ميلة ، وبلغ الخبر أمير
إفريقية ، وهو حينئذ
إبراهيم بن أحمد ، فنفذ ولده
الأحول في اثني عشر ألفا ، وتبعهم مثلهم ، فالتقيا ، فاقتتل العسكران ، فانهزم
أبو عبد الله ، وكثر القتل في أصحابه ، وتبعه
الأحول ، وسقط ثلج عظيم حال بينهم ، وسار
أبو عبد الله إلى جبل
إنكجان ، فوصل
الأحول إلى مدينة
ناصرون ، فأحرقها ، وأحرق مدينة
ميلة ، ( ولم يجد بها أحدا ) .
وبنى
أبو عبد الله بإنكجان دار هجرة ، فقصدها أصحابه ، وعاد الأحول إلى
إفريقية ، فسار
أبو عبد الله بعد رحيلهم ، فغنم مما رأى مما تخلف عنهم ، وأتاه ( خبر ) وفاة
إبراهيم ، فسر به ، ثم أتاه خبر قتل
أبي العباس ولده ، وولاية
زيادة الله ، واشتغاله باللهو واللعب ، فاشتد سروره ،
وكان
الأحول قد جمع جيشا كثيرا أيام أخيه
أبي العباس ، ولقي
أبا عبد الله ، فانهزم
الأحول .
( وبقي
الأحول ) قريبا منه يقاتله ويمنعه من التقدم ، فلما ولي
أبو مضر زيادة الله [ ص: 587 ] إفريقية أحضر
الأحول وقتله ، كما ذكرناه ، ولم يكن أحول ، وإنما كان يكسر عينه إذا أدام النظر فلقب به ، فلما قتل انتشرت حينئذ جيوش
أبي عبد الله في البلاد ، وصار
أبو عبد الله يقول :
المهدي يخرج في هذه الأيام ، ويملك الأرض ، فيا طوبى لمن هاجر إلي وأطاعني ! ويغري الناس
بأبي مضر ، ويعيبه .
وكان كل من عند
زيادة الله من الوزراء شيعة ، فلا يسوءهم أن يظفر
أبو عبد الله لا سيما مع ما كان يذكر لهم من الكرامات التي
للمهدي من إحياء الموتى ، ورد الشمس من مغربها ، وملكه الأرض بأسرها !
وأبو عبد الله يرسل إليهم ، ويسحرهم ، ويعدهم .