صفحة جزء
[ ص: 605 ] 297

ثم دخلت سنة سبع وتسعين ومائتين

ذكر استيلاء الليث على فارس وقتله

في هذه السنة سار الليث بن علي بن الليث من سجستان إلى فارس [ في جيش ] وأخذها ، واستولى عليها ، وهرب سبكري عنها إلى أرجان ، فلما بلغ الخبر المقتدر جهز مؤنسا الخادم وسيره إلى فارس ، معونة لسبكري ، فاجتمعا بأرجان .

وبلغ خبر اجتماعهما الليث ، فسار إليهما ، فأتاه الخبر بمسير الحسين بن حمدان من قم إلى البيضاء ، معونة لمؤنس ، فسير أخاه في بعض جيشه إلى شيراز ليحفظها ، ثم سار في بعض جنده في طريق مختصر ليواقع الحسين بن حمدان ، فأخذ به الدليل في طريق الرجالة ، فهلك أكثر دوابه ، ولقي هو وأصحابه مشقة عظيمة ، فقتل الدليل ، وعدل عن ذلك الطريق ، فأشرف على عسكر مؤنس ، فظنه هو وأصحابه أنه عسكره الذي سير مع أخيه إلى شيراز ، فكبروا ، فثار إليهم مؤنس وسبكري في جندهما ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم عسكر الليث ، وأخذ هو أسيرا .

فلما أسره مؤنس قال له ( أصحابه : إن ) المصلحة أن نقبض على سبكري ، ونستولي على بلاد فارس ، ونكتب إلى الخليفة ليقرها عليك ، فقال : سأفعل غدا ، إذا صار إلينا على عادته . فلما جاء الليل أرسل مؤنس إلى سبكري سرا يعرفه ما أشار به أصحابه ، وأمره بالمسير من ليلته إلى شيراز ، ففعل ، فلما أصبح مؤنس قال لأصحابه : [ ص: 606 ] أرى سبكريا قد تأخر عنا ، فتعرفوا خبره ، فسار إليه بعضهم ، وعاد فأخبره أن سبكريا سار من ليلته إلى شيراز ، فلام أصحابه ، وقال : من جهتكم بلغه الخبر حتى استوحش ، وعاد مؤنس ومعه الليث إلى بغداذ ، وعاد الحسين بن حمدان إلى قم .

ذكر أخذ فارس من سبكري

لما عاد مؤنس عن سبكري استولى كاتبه عبد الرحمن بن جعفر على الأمور فحسده أصحاب سبكري فنقلوا عنه أنه كاتب الخليفة ، وأنه قد حلف أكثر القواد له ، فقبض عليه وقيده وحبسه ، واستكتب مكانه إسماعيل بن إبراهيم التيمي ، فحمله على العصيان ومنع ما كان يحمله إلى الخليفة ففعل ذلك .

فكتب عبد الرحمن بن جعفر إلى ابن الفرات ، وزير الخليفة ، يعرفه ذلك وأنه لما نهى سبكريا عن العصيان قبض عليه ، فكتب ابن الفرات إلى مؤنس ، وهو بواسط ، يأمره بالعود إلى فارس ، ويعجزه حيث لم يقبض على سبكري ، ويحمله مع الليث إلى بغداذ ، فعاد مؤنس إلى الأهواز .

وأرسل سبكري مؤنسا ، وهاداه ، وسأله أن يتوسط حاله مع الخليفة ، فكتب في أمره ، وبذل عنه مالا ، فلم يستقر بينهم شيء ، وعلم ابن الفرات أن مؤنسا يميل إلى سبكري ، فأنفذ وصيفا كاتبه ، وجماعة من القواد ، ( ومحمد بن ) جعفر الفريابي ، وعول عليه في فتح فارس ، وكتب إلى مؤنس يأمره باستصحاب الليث معه إلى بغداذ ، فعاد مؤنس .

وسار محمد بن جعفر إلى فارس ، وواقع سبكريا على باب شيراز فانهزم سبكري إلى بم وتحصن بها ، وتبعه محمد بن جعفر وحصره بها فخرج إليه سبكري وحاربه [ ص: 607 ] مرة ثانية ، فهزمه محمد ونهب ماله ودخل سبكري مفازة خراسان ، فظفر به صاحب خراسان ، على ما نذكره ، واستولى محمد بن جعفر على فارس فاستعمل عليها فتيحا خادم الأفشين ، والصحيح أن فتح فارس كان سنة ثمان وتسعين [ ومائتين ] .

ذكر عدة حوادث

فيها وجه المقتدر القاسم بن سيما لغزو الصائفة ، وحج بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمي .

[ الوفيات ]

وفيها توفي عيسى النوشري ( في شعبان ) بمصر ، بعد موت أبي العباس بن بسطام بعشرة أيام ، ودفن بالبيت المقدس ، ( واستعمل المقتدر ) مكانه تكين الخادم ، وخلع عليه منتصف شهر رمضان .

( وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن سالم ، صاحب سهل بن عبد الله التستري ) .

[ ص: 608 ] وفيها توفي الفيض بن الخضر ، وقيل ابن محمد أبو الفيض الأولاسي الطرسوسي .

وأبو بكر محمد بن داود بن علي الأصفهاني الفقيه الظاهري .

وموسى بن إسحاق القاضي .

والقاضي أبو محمد يوسف بن يعقوب بن حماد ، وله تسع وثمانون سنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية