[ ص: 659 ] ذكر
إرسال المهدي العلوي العساكر إلى مصر
وفي هذه السنة جهز
المهدي صاحب
إفريقية جيشا كثيفا مع ابنه
أبي القاسم ، وسيرهم إلى
مصر ، وهي المرة الثانية ، فوصل إلى
الإسكندرية في ربيع الآخر سنة سبع وثلاثمائة ، فخرج عامل
المقتدر عنها ، ودخلها القائم ، ورحل إلى
مصر ، فدخل
الجيزة ، وملك الأشمونين وكثيرا من
الصعيد ، وكتب إلى أهل
مكة يدعوهم إلى الدخول في طاعته فلم يقبلوا منه .
ووردت بذلك الأخبار إلى
بغداذ ، فبعث
المقتدر بالله مؤنسا الخادم في شعبان ، وجد في السير فوصل إلى
مصر ، وكان بينه وبين القائم عدة وقعات ، ووصل من
إفريقية ثمانون مركبا نجدة للقائم ، فأرست
بالإسكندرية ، وعليها
سليمان الخادم ،
ويعقوب الكتامي ، وكانا شجاعين ، فأمر
المقتدر بالله أن يسير مراكب
طرسوس إليهم ، فسار خمسة وعشرون مركبا ، وفيها النفط والعدد ، ومقدمها
أبو اليمن ، فالتقت المراكب بالمراكب ، واقتتلوا على رشيد ، فظفر أصحاب مراكب
المقتدر ، وأحرقوا كثيرا من مراكب
إفريقية ، وهلك أكثر أهلها ، وأسر منهم كثير ، وفي الأسرى
سليمان الخادم ،
ويعقوب ، فقتل من الأسرى كثير ، ( وأطلق كثير ) ، ومات
سليمان في الحبس
بمصر ، وحمل
يعقوب إلى
بغداذ ، ثم هرب منها وعاد إلى
إفريقية .
وأما عسكر
القائم فكان بينه وبين
مؤنس وقعات كثيرة ، وكان الظفر
لمؤنس فلقب حينئذ
بالمظفر .
ووقع الوباء في عسكر
القائم ، والغلاء ، فمات منهم كثير من الناس والخيل ، فعاد من سلم إلى
إفريقية ، وسار عسكر
مصر في أثرهم ، حتى أبعدوا ، فوصل القائم إلى المهدية في رجب من السنة .