ذكر أخذ الحاج
في هذه السنة سار
nindex.php?page=showalam&ids=14981أبو طاهر القرمطي إلى
الهبير في عسكر عظيم ليلقى الحاج سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في رجوعهم من
مكة ، فأوقع بقافلة تقدمت معظم
[ ص: 690 ] الحاج ، وكان فيها خلق كثير من
أهل بغداذ وغيرهم ، فنهبهم ، واتصل الخبر بباقي الحاج وهم بفيد فأقاموا بها حتى فني زادهم ، فارتحلوا مسرعين .
وكان
أبو الهيجاء بن حمدان قد أشار عليهم بالعود إلى
وادي القرى ، وأنهم لا يقيمون
بفيد ، فاستطالوا الطريق ، ولم يقبلوا منه ، وكان إلى
أبي الهيجاء طريق
الكوفة ، وكثير الحاج ، فلما فني زادهم ساروا على طريق
الكوفة ، فأوقع بهم
القرامطة ، وأخذوهم ، وأسروا
أبا الهيجاء ،
وأحمد بن كشمرد ،
ونحريرا وأحمد بن بدر عم والدة
المقتدر ، وأخذ
أبو طاهر جمال الحجاج جميعها وما أراد من الأمتعة ، والأموال ، والنساء ، والصبيان ، وعاد إلى هجر وترك الحاج في مواضعهم ، فمات أكثرهم جوعا ، ومن حر الشمس .
وكان عمر
أبي طاهر حينئذ سبع عشرة سنة ، وانقلبت
بغداذ ، واجتمع حرم المأخوذين إلى حرم المنكوبين الذين نكبهم
ابن الفرات ، وجعلن ينادين :
nindex.php?page=showalam&ids=14981القرمطي الصغير ، ( أبو طاهر ) قتل المسلمين في طريق
مكة ،
والقرمطي الكبير ابن الفرات قد قتل المسلمين
ببغداذ .
وكانت صورة فظيعة شنيعة ، وكسر العامة منابر الجوامع ، وسودوا المحاريب يوم الجمعة لست خلون من صفر ، وضعفت نفس
ابن الفرات ، وحضر عند
المقتدر ليأخذ أمره فيما يفعله ، وحضر
نصر الحاجب المشورة فانبسط لسانه على
ابن الفرات ، وقال له : الساعة تقول أي شيء نصنع ، وما هو الرأي بعد أن زعزعت أركان الدولة ، وعرضتها للزوال في الباطن بالميل مع كل عدو يظهر ومكاتبته ، ومهادنته ، وفي الظاهر بإبعادك
مؤنسا ومن معه إلى
الرقة ، وهم سيوف الدولة ، فمن يدفع الآن هذا الرجل إن قصد الحضرة أنت أو ولدك ؟ وقد ظهر الآن أن مقصودك بإبعاد
مؤنس وبالقبض
[ ص: 691 ] علي وعلى غيري أن تستضعف الدولة وتقوي أعداءها لتشفي ، غيظ قلبك ممن صادرك وأخذ أموالك ، ومن الذي سلم الناس إلى القرمطي غيرك لما يجمع بينكما من التشيع والرفض ؟ وقد أظهر أيضا أن ذلك العجمي كان من أصحاب القرمطي ، وأنت أوصلته .
فحلف
ابن الفرات أنه ما كاتب القرمطي ، ولا هاداه ، ولا رأى ذلك الأعجمي إلا تلك الساعة ،
والمقتدر معرض عنه ، وأشار
نصر على
المقتدر أن يحضر
مؤنسا ومن معه ، ففعل ذلك ، وكتب إليه بالحضور ، فسار إلى ذلك ونهض
ابن الفرات ، فركب في طيارة فرجمه العامة حتى كاد يغرق .
( وتقدم
المقتدر ) إلى
ياقوت بالمسير إلى
الكوفة ، ( ليمنعها من
القرامطة فخرج في جمع كثير ، ومعه ولداه
المظفر ومحمد ، فخرج على ذلك العسكر مال عظيم ، وورد الخبر بعود
القرامطة ، فعطل مسير
ياقوت ) .
ووصل
nindex.php?page=showalam&ids=16864مؤنس المظفر إلى
بغداذ ، ولما رأى
المحسن ابن ( الوزير ابن ) الفرات انحلال أمورهم ، أخذ كل من كان محبوسا ( عنده من المصادرين ) ، فقتلهم لأنه كان قد أخذ منهم أموالا جليلة ( ولم يوصلها إلى
المقتدر ) ، فخاف أن يقروا عليه .