ذكر
القبض على الوزير ابن الفرات وولده المحسن
ثم إن الإرجاف كثر على
ابن الفرات ، فكتب إلى
المقتدر يعرفه ذلك ، وأن الناس إنما عادوه لنصحه وشفقته ، وأخذ حقوقه منهم ، فأنفذ
المقتدر إليه يسكنه ويطيب ( قلبه
[ ص: 692 ] فركب هو وولده إلى
المقتدر ، فأدخلهما إليه فطيب ) قلوبهما فخرجا من عنده فمنعهما
نصر الحاجب من الخروج ووكل بهما ، فدخل على
المقتدر ، وأشار عليه بتأخير عزله فأمر بإطلاقهما ، فخرج هو وابنه
المحسن ، فأما
المحسن فإنه اختفى وأما الوزير فإنه جلس عامة نهاره يمضي الأشغال إلى الليل ، ثم بات مفكرا ، فلما أصبح سمعه بعض خدمه ينشد :
وأصبح لا يدري وإن كان حازما أقدامه خير له أم وراءه
فلما أصبح الغد ، وهو الثامن من ربيع الأول ، وارتفع النهار أتاه
نازوك ،
وبليق في عدة من الجند ، فدخلوا إلى الوزير ، وهو عند الحرم ، فأخرجوه حافيا مكشوف الرأس ، وأخذ إلى دجلة ، فألقى عليه
بليق طيلسانا غطى به رأسه ، وحمل إلى طيار فيه
nindex.php?page=showalam&ids=16864مؤنس المظفر ، ومعه
هلال بن بدر ، فاعتذر إليه
ابن الفرات ، وألان كلامه ، فقال له : أنا الآن الأستاذ ، وكنت بالأمس الخائن الساعي في فساد الدولة ، وأخرجتني والمطر على رأسي ورءوس أصحابي ، ( ولم تمهلني ) .
ثم سلم إلى
شفيع اللؤلؤي ، فحبس عنده ، وكانت مدة وزارته هذه عشرة أشهر وثمانية عشر يوما ، وأخذ أصحابه وأولاده ولم ينهج منهم إلا
المحسن ، فإنه اختفى ، وصودر
ابن الفرات على جملة من المال مبلغها ألف ألف دينار .