[ ص: 749 ] 318
ثم دخلت سنة ثماني عشرة وثلاثمائة
ذكر
هلاك الرجال المصافية
في هذه السنة ، في المحرم هلك
الرجالة المصافية ، وأخرجوا من
بغداذ بعد ( ما عظم شرهم ، وقوي أمرهم .
وكان سبب ذلك أنهم لما أعادوا )
المقتدر إلى الخلافة ، على ما ذكرناه ، زاد إدلالهم واستطالتهم ، وصاروا يقولون أشياء لا يحتملها الخلفاء ، منها أنهم يقولون : من أعان ظالما سلطه الله عليه ، ومن يصعد الحمار إلى السطح يقدر يحطه ، وإن لم يفعل
المقتدر معنا ما نستحقه ، قاتلناه بما يستحق ، إلى غير ذلك .
وكثر شغبهم ومطالبتهم ، وأدخلوا في الأرزاق أولادهم ، وأهليهم ، ومعارفهم ، وأثبتوا أسماءهم ، فصار لهم في الشهر مائة ألف وثلاثون ألف دينار .
واتفق أن شغب الفرسان في طلب أرزاقهم ، فقيل لهم : إن بيت المال فارغ وقد انصرفت الأموال إلى الرجالة ( فثار بهم الفرسان ، فاقتتلوا ، فقتل من الفرسان جماعة ، واحتج
المقتدر بقتلهم على الرجالة ) ، وأمر
محمد بن ياقوت فركب ، وكان قد استعمل على الشرطة ، فطرد الرجالة عن دار
المقتدر ، ونودي فيهم بخروجهم عن
بغداذ ، ومن أقام قبض عليه وحبس ، وهدمت دور زعمائهم ، وقبضت أملاكهم ، وظفر بعد النداء ، بجماعة منهم فضربهم ، وحلق لحاهم ، وشهر بهم .
[ ص: 750 ] وهاج
السودان تعصبا للرجالة ، فركب
محمد أيضا في الحجرية ، وأوقع بهم ، وأحرق منازلهم ، فاحترق فيها جماعة كثيرة منهم ، ومن أولادهم ، ومن نسائهم ، فخرجوا إلى
واسط ، واجتمع بها منهم جمع كثير ، ( وتغلبوا عليها ) ، وطرحوا عامل الخليفة ، فسار إليهم
مؤنس ، فأوقع بهم ، وأكثر القتل فيهم ، فلم تقم لهم بعدها راية .