ذكر
اختلال أمور القرامطة
في هذه السنة فسد حال
القرامطة ، وقتل بعضهم بعضا .
وسبب ذلك أنه كان رجل منهم يقال له
ابن سنبر ، وهو من خواص
أبي سعيد القرمطي والمطلعين على سره ، وكان له عدو من
القرامطة اسمه
أبو حفص الشريك ، فعمد
ابن سنبر إلى رجل من
أصبهان ، وقال له : إذا ملكتك أمر
القرامطة ، أريد منك أن تقتل عدوي
أبا حفص ، فأجابه إلى ذلك وعاهده عليه ، فأطلعه على أسرار
أبي سعيد ، وعلامات كان يذكر أنها في صاحبهم الذي يدعون إليه ، فحضر عند أولاد
أبي سعيد ، وذكر لهم ذلك ، فقال
أبو طاهر : هذا الذي يدعو إليه ، فأطاعوه ، ودانوا له ، حتى كان يأمر الرجل بقتل أخيه فيقتله ، وكان إذا كره رجلا يقول له إنه مريض ، يعني أنه قد شك في دينه ، ويأمر بقتله .
وبلغ
أبا طاهر أن
الأصبهاني يريد قتله ليتفرد بالملك ، فقال لإخوته : لقد أخطأنا في هذا الرجل ، وسأكشف حاله ، فقال له : إن لنا مريضا ، فانظر إليه ليبرأ ، فحضروا وأضجعوا والدته وغطوها بإزار ، فلما رآها قال : إن هذا المريض لا يبرأ فاقتلوه ، فقالوا له : كذبت ، هذه والدته ، ثم قتلوه بعد أن قتل منهم خلق كثير من عظمائهم وشجعانهم . وكان هذا سبب تمسكهم بهجر ، وترك قصد البلاد ، والإفساد فيها .