[ ص: 52 ] ذكر
الأحداث التي كانت من لدن ملك شيث إلى أن ملك يرد ذكر أن
قابيل لما قتل
هابيل وهرب من أبيه
آدم إلى
اليمن أتاه إبليس ، فقال له : إن
هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار لأنه كان يخدم النار ويعبدها ، فانصب أنت نارا تكون لك ولعقبك . فبنى بيت نار ، فهو
أول من نصب نارا وعبدها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : إن
قينا ، وهو
قابيل ، نكح أخته
أشوث بنت آدم فولدت له رجلا وامرأة :
حنوخ بن قين
وعذب بنت قين ، فنكح
حنوخ أخته
عذب فولدت ثلاثة بنين وامرأة :
غيرد ومحويل ،
وأنوشيل ،
وموليث ابنة حنوخ ، فنكح
أنوشيل بن حنوخ أخته
موليث ، وولدت له رجلا اسمه
لامك ، فنكح
لامك امرأتين اسم إحداهما
عدى والأخرى
صلى ، فولدت
عدى تولين بن لامك ، فكان أول من سكن القباب واقتنى المال ، وتوبلين فكان أول من ضرب بالونج والصنج ، وولدت رجلا اسمه
توبلقين ، وكان أول من عمل النحاس ، والحديد ، وكان أولادهم فراعنة وجبابرة ، وكانوا قد أعطوا بسطة في الخلق .
قال : ثم انقرض ولد
قين ، ولم يتركوا عقبا إلا قليلا ، وذرية
آدم كلها جهلت أنسابهم ، وانقطع نسلهم إلا ما كان من
شيث ، فمنه كان النسل ، وأنساب الناس اليوم كلهم إليه دون أبيه
آدم ، ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق من أمر
قابيل وولده إلا ما حكيت .
[ ص: 53 ] وقال غيره من
أهل التوراة : إن أول من اتخذ الملاهي من ولد
قابيل رجل يقال له
ثوبال بن قابيل ، اتخذها في زمان
مهلائيل بن قينان ، اتخذ المزامير ، والطنابير ، والطبول ، والعيدان ، والمعازف ، فانهمك ولد
قابيل في اللهو . وتناهى خبرهم إلى من بالجبل من ولد
شيث ، فهم منهم مائة رجل بالنزول إليهم وبمخالفة ما أوصاهم به آباؤهم ، وبلغ ذلك
يارد فوعظهم ونهاهم فلم يقبلوا ، ونزلوا إلى ولد
قابيل فأعجبوا بما رأوا منهم ، فلما أرادوا الرجوع حيل بينهم وبين ذلك لدعوة سبقت من آبائهم فلما أبطئوا ظن من بالجبل ممن كان في نفسه زيغ أنهم أقاموا اغتباطا ، فتسللوا ينزلون من الجبل ورأوا اللهو فأعجبهم ، ووافقوا نساء من ولد
قابيل متشرعات إليهم وصرن معهم ، وانهمكوا في الطغيان ، وفشت الفحشاء ، وشرب الخمر فيهم .
وهذا القول غير بعيد من الحق ، وذلك أنه قد روي عن جماعة من سلف علمائنا المسلمين نحو منه ، وإن لم يكونوا بينوا زمان من حدث ذلك في ملكه ، إلا أنهم ذكروا أن ذلك كان فيما بين
آدم ونوح ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أو مثله .
ومثله روى
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة ، عن أبيه مع اختلاف قريب من القولين ، والله أعلم .
وأما نسابو
الفرس فقد ذكرت ما قالوا في
مهلائيل بن قينان ، وأنه هو
أوشهنج الذي ملك الأقاليم السبعة ، وبينت قول من خالفهم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12861هشام بن الكلبي : إنه
أول من بنى البناء ، واستخرج المعادن وأمر أهل زمانه باتخاذ المساجد ، وبنى مدينتين كانتا أول ما بني على ظهر الأرض من المدائن ، وهما مدينة
بابل ، وهي
بالعراق ، ومدينة السوس
بخوزستان ، وكان ملكه أربعين سنة .
وقال غيره : هو
أول من استنبط الحديد وعمل منه الأدوات للصناعات ، وقدر المياه في مواقع المنافع ، وحض الناس على الزراعة ، واعتماد الأعمال ، وأمر بقتل السباع الضارية ، واتخاذ الملابس من جلودها والمفارش ، وبذبح البقر ، والغنم ، والوحش ، وأكل لحومها ، وإنه بنى مدينة الري .
[ ص: 54 ] قالوا : وهي أول مدينة بنيت بعد مدينة
جيومرث التي كان يسكنها
بدنباوند . وقالوا : إنه أول من وضع الأحكام ، والحدود . وكان ملقبا بذلك يدعى
بيشداد ، ومعناه بالفارسية أول من حكم بالعدل ، وذلك أن " بيش " معناه أول ، و " داد " معناه عدل وقضى . وهو أول من استخدم الجواري وأول من قطع الشجر وجعله في البناء ، وذكروا أنه نزل
الهند وتنقل في البلاد وعقد على رأسه تاجا ، وذكروا أنه قهر إبليس وجنوده ومنعهم الاختلاط بالناس ، وتوعدهم على ذلك وقتل مردتهم ، فهربوا من خوفه إلى المفاوز والجبال ، فلما مات عادوا .
وقيل : إنه سمى شرار الناس شياطين واستخدمهم ، وملك الأقاليم كلها . وإنه كان بين مولد
أوشهنج وموت
جيومرث مائتا سنة وثلاث وعشرون سنة .
( عتيبة بالعين ، وبعدها تاء فوقها نقطتان ، وياء تحتها نقطتان ، وباء موحدة ) .