[ ص: 168 ] ذكر
مصالحة أبي علي مع نوح
ثم إن
أبا علي أقام
بالصغانيان ، فبلغه أن الأمير
نوحا قد عزم على تسيير عسكر إليه ، فجمع
أبو علي الجيوش وخرج إلى
بلخ وأقام بها ، وأتاه رسول الأمير
نوح في الصلح ، فأجاب إليه ، فأبى عليه جماعة ممن معه من قواد
نوح الذين انتقلوا إليه ، وقالوا : نحب أن تردنا إلى منازلنا ، ثم صالح ، ( فخرج
أبو علي نحو
بخارى ) ، فخرج إليه الأمير
نوح في عساكره ، وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14916الفضل بن محمد أخا
أبي علي صاحب جيشه ، فالتقوا بجرجيك في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، وتحاربوا قبيل العصر ، فاستأمن
إسماعيل بن الحسن الداعي إلى
نوح ، وتفرق العسكر عن
أبي علي ، فانهزم ورجع إلى
الصغانيان .
ثم بلغه أن الأمير
نوحا قد أمر العساكر بالمسير إليه من
بخارى وبلخ وغيرهما ، وأن صاحب الختل قد تجهز لمساعدة
أبي علي ، فسار
أبو علي في جيشه إلى
ترمذ ، وعبر
جيحون ، وسار إلى
بلخ واستولى عليها وعلى
طخارستان ، وجبى مال تلك الناحية .
وسار من
بخارى عسكر جرار إلى
الصغانيان ، فأقاموا بنسف ومعهم
nindex.php?page=showalam&ids=14916الفضل بن محمد أخو
أبي علي ، فكتب جماعة من قواد العسكر إلى الأمير
نوح بأن
الفضل قد اتهموه بالميل إلى أخيه ، فأمرهم بالقبض عليه ، فقبضوا عليه وسيروه إلى
بخارى .
وبلغ خبر العسكر إلى
أبي علي ، وهو
بطخارستان ، فعاد إلى
الصغانيان ووقعت بينهم حروب ، وضيق عليهم
أبو علي في
العلوفة ، فانتقلوا إلى قرية أخرى على فرسخين من
الصغانيان ، فقاتلهم
أبو علي في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين [ وثلاثمائة ] قتالا شديدا ، فقهروه ، وسار إلى
شومان وهي على ستة عشر فرسخا من
الصغانيان ، ودخل عسكر
نوح إلى
الصغانيان ، فأخربوا قصور
أبي علي ومساكنه ، وتبعوا
أبا علي ، فعاد إليهم واجتمع إليه الكتيبة ، وضيق على عسكر
نوح ، وأخذ عليهم المسالك ، فانقطعت عنهم
[ ص: 169 ] أخبار
بخارى ، وأخبارهم عن
بخارى نحو عشرين يوما ، فأرسلوا إلى
أبي علي يطلبون الصلح ، فأجابهم إليه واتفقوا على إنفاذ ابنه
أبي المظفر عبد الله رهينة إلى الأمير
نوح ، واستقر الصلح بينهما في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة .
وسير ابنه إلى
بخارى ، فأمر
نوح باستقباله ، فأكرمه وأحسن إليه ، وكان قد دخل إليه بعمامة ، فخلع عليه القلنسوة ، وجعله من ندمائه ، وزال الخلف .
وكان ينبغي أن نذكر هذه الحوادث في السنين التي هي فيها كانت ، وإنما أوردناها متتابعة في هذه السنة لئلا يتفرق ذكرها .
هذا الذي ذكره أصحاب التواريخ من الخراسانيين ، وقد ذكر العراقيون هذه الحوادث على غير هذه السياقة ، وأهل كل بلد أعلم بأحوالهم ، ونحن نذكر ما ذكره العراقيون مختصرا ، قالوا : إن
أبا علي لما سار نحو
الري في عساكر
خراسان ، كتب
ركن الدولة إلى أخيه
عماد الدولة يستمده ، فأرسل إليه يأمره بمفارقة
الري والوصول إليه لتدبير له في ذلك ، ففعل
ركن الدولة ذلك .
ودخل
أبو علي الري ، فكتب
عماد الدولة إلى
نوح سرا يبذل له في
الري في كل سنة زيادة على ما بذله
أبو علي مائة ألف دينار ، ويعجل ضمان سنة ، ويبذل من نفسه مساعدته على
أبي علي حتى يظفر به ( وخوفه منه ) ، فاستشار
نوح أصحابه ، وكانوا يحسدون
أبا علي ويعادونه ، فأشاروا عليه بإجابته ، فأرسل
نوح إلى
ابن بويه من يقرر القاعدة ويقبض المال ، فأكرم الرسول ووصله بمال جزيل ، وأرسل إلى
أبي علي يعلمه خبر هذه الرسالة ، وأنه مقيم على عهده ووده ، وحذره من غدر الأمير
نوح ، فأنفذ
أبو علي رسوله إلى
إبراهيم وهو
بالموصل يستدعيه ليملكه البلاد ، فسار
إبراهيم ، فلقيه
أبو علي بهمذان ، وساروا إلى
خراسان .
وكتب
عماد الدولة إلى أخيه
ركن الدولة يأمره بالمبادرة إلى
الري ، فعاد إليه ، واضطربت
خراسان ، ورد
عماد الدولة رسول
نوح بغير مال ، وقال : أخاف أن أنفذ المال فيأخذه
أبو علي ، وأرسل إلى
نوح يحذره من
أبي علي ويعده المساعدة عليه ، وأرسل إلى
أبي علي يعده بإنفاذ العساكر نجدة له ، ويشير عليه بسرعة اللقاء ، وإن
نوحا ( سار
[ ص: 170 ] فالتقى ) هو
وأبو علي بنيسابور ، فانهزم
نوح وعاد إلى
سمرقند ، واستولى
أبو علي على
بخارى ، وإن
أبا علي استوحش من
إبراهيم فانقبض عنه . وجمع
نوح العساكر وعاد إلى
بخارى ، وحارب عمه
إبراهيم ، فلما التقى الصفان ، عاد جماعة من قواد
إبراهيم إلى
نوح ، وانهزم الباقون ، وأخذ
إبراهيم أسيرا ، فسمل هو وجماعة من أهل بيته ، سملهم
نوح .