[ ص: 186 ] 338
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة
ذكر
حال nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين
في هذه السنة استفحل أمر
nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين ، وقوي شأنه ، وكان ابتداء حاله أنه من أهل الجامدة ، فجبى جبايات ، فهرب إلى
البطيحة خوفا من السلطان ، وأقام بين القصب والآجام ، واقتصر على ما يصيده من السمك وطيور الماء قوتا ، ثم صار يقطع الطريق على من يسلك
البطيحة ، واجتمع إليه جماعة من الصيادين ، وجماعة من اللصوص ، فقوي بهم ، وحمى جانبه من السلطان ، فلما خاف أن يقصد ، استأمن ( إلى
أبي القاسم ) البريدي ، فقلده حماية الجامدة ونواحي البطائح ، وما زال يجمع الرجال إلى أكثر أصحابه ، وقوي واستعد بالسلاح ، واتخذ معاقل على التلول التي
بالبطيحة ، وغلب على تلك النواحي .
فلما اشتد أمره ، سير
معز الدولة إلى محاربته وزيره
أبا جعفر الصيمري ، فسار إليه في الجيوش ، وحاربه مرة بعد مرة ، واستأسر أهله وعياله ، وهرب
nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين واستتر ، وأشرف على الهلاك .
فاتفق أن
nindex.php?page=showalam&ids=16647عماد الدولة بن بويه مات ، واضطرب جيشه
بفارس ، فكتب
معز الدولة إلى
الصيمري بالمبادرة إلى
شيراز لإصلاح الأمور بها ، فترك
عمران وسار إلى
شيراز ، على ما نذكره في موت
عماد الدولة ، فلما سار
الصيمري عن
البطائح ، ظهر
nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين من استتاره ، وعاد إلى أمره ، وجمع من تفرق عنه من أصحابه ، وقوي أمره ، وسنذكر من أخباره فيما بعد ما تدعو الحاجة إليه .
[ ص: 187 ] ذكر
موت nindex.php?page=showalam&ids=16647عماد الدولة بن بويه
في هذه السنة مات
عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه بمدينة شيراز في جمادى الآخرة ، وكانت علته التي مات بها قرحة في كليته طالت به ، وتوالت عليه الأسقام والأمراض ، فلما أحس بالموت ، أنفذ إلى أخيه
ركن الدولة يطلب منه أن ينفذ ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16564عضد الدولة فناخسرو ليجعله ولي عهده ، ووارث مملكته
بفارس ; لأن
عماد الدولة لم يكن له ولد ذكر ، فأنفذ
ركن الدولة ولده
عضد الدولة ، فوصل في حياة عمه قبل موته بسنة ، وسار في جملة ثقات أصحاب
ركن الدولة ، فخرج
عماد الدولة إلى لقائه في جميع عسكره ، وأجلسه في داره على السرير ، ووقف هو بين يديه ، وأمر الناس بالسلام على
عضد الدولة والانقياد له ، وكان يوما عظيما مشهودا .
وكان في قواد
عماد الدولة جماعة من الأكابر يخافهم ، ويعرفهم بطلب الرئاسة ، وكانوا يرون أنفسهم أكبر منه نفسا وبيتا ، وأحق بالتقدم ، وكان يداريهم ، فلما جعل ولد أخيه في الملك ، خافهم عليه ، فأفناهم بالقبض ، وكان منهم قائد كبير يقال له
شيرنحين ، فقبض عليه ، فشفع فيه أصحابه وقواده ، فقال لهم : إني أحدثكم عنه بحديث ، فإن رأيتم أن أطلقه فعلت ، فحدثهم أنه كان في
خراسان في خدمة
نصر بن أحمد ، ونحن شرذمة قليلة من
الديلم ، ومعنا هذا ، فجلس يوما
نصر وفي خدمته من مماليكه ومماليك أبيه بضعة عشر ألفا سوى سائر العسكر ، فرأيت
شيرنحين هذا قد جرد سكينا معه ولفه في كسائه ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : أريد أن أقتل هذا الصبي ، يعني
نصرا ، ولا أبالي بالقتل بعده ، فإني قد أنفت نفسي من القيام في خدمته .
( وكان عمر
نصر بن أحمد يومئذ عشرين سنة ، وقد خرجت لحيته ، فعلمت أنه ) إذا فعل ذلك ، لم يقتل وحده بل نقتل كلنا ، فأخذت بيده وقلت له : بيني وبينك حديث ، فمضيت به إلى ناحية ، وجمعت
الديلم ، وحدثتهم حديثه ، فأخذوا منه السكين ، فتريدون مني بعد أن سمعتم حديثه في معنى
نصر أن أمكنه من الوقوف بين يدي هذا الصبي ، يعني ابن أخي ؟
[ ص: 188 ] فأمسكوا عنه ، وبقي محبوسا حتى مات في محبسه .
ومات
عماد الدولة وبقي
عضد الدولة بفارس ، فاختلف أصحابه ، فكتب
معز الدولة إلى وزيره
الصيمري بالمسير إلى
شيراز ، وترك محاربة
nindex.php?page=showalam&ids=16690عمران بن شاهين ، فسار إلى
فارس ، ووصل
ركن الدولة ( أيضا ، واتفقا على تقرير قاعدة
عضد الدولة ، وكان
ركن الدولة ) قد استخلف على
الري علي بن كامة ، وهو من أعيان أصحابه ، ولما وصل
ركن الدولة إلى
شيراز ، ابتدأ بزيارة قبر أخيه
بإصطخر ، فمشى حافيا حاسرا ومعه العساكر على حاله ، ولزم القبر ثلاثة أيام إلى أن سأله القواد الأكابر ليرجع إلى المدينة ، فرجع إليها ، وأقام تسعة أشهر ، وأنفذ إلى أخيه
معز الدولة شيئا كثيرا من المال والسلاح وغير ذلك .
وكان
عماد الدولة في حياته هو أمير الأمراء ، فلما مات ، صار أخوه
ركن الدولة أمير الأمراء ، وكان
معز الدولة هو المستولي على
العراق والخلافة ، وهو كالنائب عنهما ، وكان
عماد الدولة كريما ، حليما ، عاقلا ، حسن السياسة ( للملك والرعية ) ، وقد تقدم من أخباره ما يدل على عقله وسياسته .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في جمادى الآخرة ، قلد
nindex.php?page=showalam&ids=11864أبو السائب عتبة بن عبد الله قضاء القضاة
ببغداذ .
وفيها في ربيع الآخر ، مات المستكفي بالله في دار السلطان ، وكانت علته نفث الدم .