ذكر
استيلاء المرزبان على سميرم
قد ذكرنا أسر
المرزبان وحبسه
بسميرم ، وأما سبب خلاصه فإن والدته ، وهي ابنة
جستان بن وهسوذان الملك ، وضعت جماعة للسعي في خلاصه ، فقصدوا
سميرم ، وأظهروا أنهم تجار ، وأن
المرزبان قد أخذ منهم أمتعة نفيسة ولم يوصل ثمنها إليهم ، واجتمعوا بمتولي
سميرم ، ويعرف
ببشير أسفار ، وعرفوه ما ظلمهم به
المرزبان ، وسألوه أن
[ ص: 204 ] يجمع بينهم ليحاسبوه وليأخذوا خطه إلى والدته بإيصال ما لهم إليهم ، فرق لهم
بشير أسفار وجمع بينهم ، فطالبوه بمالهم ، فأنكر
المرزبان ذلك ، فغمزه أحدهم ، ففطن لهم واعترف لهم ، وقال : حتى أتذكر مالكم ، فإنني لا أعرف مقداره ، فأقاموا هناك ، وبذلوا الأموال
لبشير أسفار والأجناد ، وضمنوا لهم الأموال الجليلة إذا خلص ما لهم عند
المرزبان ، فصاروا لذلك يدخلون الحصن بغير إذن ، وكثر اجتماعهم
بالمرزبان وأوصلوا إليه أموالا من عند والدته ، وأخبارا ، وأخذوا منه ما عنده من الأموال .
وكان
لبشير أسفار غلام أمرد ، جميل الوجه ، يحمل ترسه وزوبينه ، فأظهر
المرزبان لذلك الغلام محبة شديدة وعشقا ، وأعطاه مالا كثيرا مما جاءه من والدته ، فواطأه على ما يريد ، وأوصل إليه درعا ومبارد ، فبرد قيده ، واتفق
المرزبان وذلك الغلام والذين جاءوا لتخليص
المرزبان على أن يقتلوا
بشير أسفار في يوم ذكروه .
وكان
بشير أسفار يقصد
المرزبان كل أسبوع ذلك اليوم يفتقده وقيوده ويصبره ويعود ، فلما كان يوم الموعد ، دخل أحد أولئك التجار ، فقعد عند
المرزبان ، وجلس آخر عند البواب ، وأقام الباقون عند باب الحصن ينتظرون الصوت ، ودخل
بشير أسفار إلى
المرزبان ، فتلطف به
المرزبان وسأله أن يطلقه ، وبذل له أموالا جليلة وإقطاعا كثيرا ، فامتنع عليه ، وقال : لا أخون
ركن الدولة أبدا . فنهض
المرزبان وقد أخرج رجله من قيده ، وتقدم إلى الباب ، فأخذ الترس والزوبين من ذلك الغلام ، وعاد إلى
بشير أسفار ، فقتله هو وذلك التاجر الذي عنده ، وثار الرجل الذي عند البواب به فقتله ، ودخل من كان عند باب الحصن إلى
المرزبان .
وكان أجناد القلعة متفرقين ، فلما وقع الصوت اجتمعوا ، فرأوا صاحبهم قتيلا ، فسألوا الأمان ، فأمنهم
المرزبان ، وأخرجهم من القلعة ، واجتمع إليه أصحابه وغيرهم ، وكثر جمعه ، وخرج فلحق بأمه وأخيه ، واستولى على البلاد على ما ذكرناه قبل .