[ ص: 281 ] ذكر
ملك عسكر المعز دمشق وغيرها من بلاد الشام
لما استقر
جوهر بمصر ، وثبت قدمه ، سير
جعفر بن فلاح الكتامي إلى
الشام في جمع كبير ، فبلغ
الرملة ، وبها
أبو محمد الحسن بن عبد الله بن طغج ، فقاتله في ذي الحجة من السنة ، وجرت بينهما حروب كان الظفر فيها
لجعفر بن فلاح ، وأسر
ابن طغج وغيره من القواد فسيرهم إلى
جوهر ، وسيرهم
جوهر إلى
المعز بإفريقية ، ودخل
ابن الفلاح البلد عنوة ، فقتل كثيرا من أهله ، ثم أمن من بقي ، وجبى الخراج وسار إلى
طبرية ، فرأى
ابن ملهم قد أقام الدعوة
nindex.php?page=showalam&ids=15278للمعز لدين الله ، فسار عنها إلى
دمشق ، فقاتله أهلها ، فظفر بهم وملك البلد ، ونهب بعضه وكف عن الباقي ، وأقام الخطبة
للمعز يوم الجمعة لأيام خلت من المحرم سنة تسع وخمسين [ وثلاثمائة ] وقطعت الخطبة العباسية .
وكان
بدمشق nindex.php?page=showalam&ids=12536الشريف أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي ، وكان جليل القدر ، نافذ الحكم في أهلها ، فجمع أحداثها ومن يريد الفتنة ، فثار بهم في الجمعة الثانية ، وأبطل الخطبة
nindex.php?page=showalam&ids=15278للمعز لدين الله وأعاد خطبة
المطيع لله . ولبس السواد وعاد إلى داره ، فقاتله
جعفر بن فلاح ومن معه قتالا شديدا ، وصبر
أهل دمشق ، ثم افترقوا آخر النهار ، فلما كان الغد تزاحف الفريقان واقتتلوا ونشبت الحرب بينهما ، وكثر القتلى من الجانبين ودام القتال ، فعاد عسكر
دمشق منهزمين
والشريف بن أبي يعلى مقيم على باب البلد يحرض الناس على القتال ، ويأمرهم بالصبر .
وواصل المغاربة الحملات على الدماشقة حتى ألجئوهم إلى باب البلد ، ووصل المغاربة إلى قصر
حجاج ، ونهبوا ما وجدوا ، فلما رأى
nindex.php?page=showalam&ids=12536ابن أبي يعلى ( الهاشمي والأحداث ما ) لقي الناس من المغاربة خرجوا من البلاد ليلا ، فأصبح الناس حيارى ، فدخل
الشريف الجعفري ، وكان خرج من البلد إلى
جعفر بن فلاح في الصلح ، فأعاده وأمره بتسكين الناس وتطييب قلوبهم ، ووعدهم بالجميل ، ففعل ما أمره ، وتقدم إلى الجند والعامة بلزوم منازلهم ، وأن لا يخرجوا منها إلى أن يدخل
جعفر بن فلاح البلد ويطوف فيه ويعود إلى عسكره ، ففعلوا ذلك .
[ ص: 282 ] فلما دخل المغاربة البلد عاثوا فيه ، ونهبوا قطرا منه ، فثار الناس ، وحملوا عليهم ، ووضعوا السيف فيهم ، فقتلوا منهم جماعة ، وشرعوا في تحصين البلد وحفر الخنادق ، وعزموا على اصطلاء الحرب ، وبذل النفوس في الحفظ ، وأحجمت المغاربة عنهم ، ومشى الناس إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12536الشريف أبي القاسم بن أبي يعلى ، فطلبوا منه أن يسعى فيما يعود بصلاح الحال ، ففعل ، ودبر الحال إلى أن تقرر الصلح يوم الخميس لست عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ، وكان الحريق قد أتى على عدة كثيرة من الدور وقت الحرب .
ودخل صاحب الشرطة
جعفر بن فلاح البلد يوم الجمعة فصلى مع الناس وسكنهم وطيب قلوبهم ، وقبض على جماعة من الأحداث في المحرم سنة ستين وثلاثمائة ، وقبض على
nindex.php?page=showalam&ids=12536الشريف أبي القاسم بن أبي يعلى الهاشمي المذكور ، وسيره إلى
مصر ، واستقر أمر
دمشق .
( وكان ينبغي أن يؤخر ) (
ملك ابن الفلاح دمشق إلى آخر السنة ) ، وإنما قدمته ليتصل خبر المغاربة بعضه ببعض .