ذكر
ما فعله الروم بالشام والجزيرة
وفي هذه السنة دخل ملك
الروم الشام ، ولم يمنعه أحد ، ولا قاتله ، فسار في البلاد إلى
طرابلس ، وأحرق ربضها ، وحصر قلعة
عرقة ، فملكها ونهبها وسبى من فيها .
وكان صاحب
طرابلس قد أخرجه أهلها لشدة ظلمه ، فقصد
عرقة ، فأخذه
الروم وجميع ماله ، وكان كثيرا .
وقصد ( ملك
الروم )
حمص ، وكان أهلها قد انتقلوا عنها وأخلوها فأحرقها ملك
الروم ورجع إلى بلدان الساحل ( فأتى عليها نهبا وتخريبا ) ، وملك ثمانية عشر منبرا ، فأما القرى فكثير لا يحصى ، وأقام في
الشام شهرين يقصد أي موضع شاء ، ولا يمنعه أحد إلا أن بعض العرب كانوا يغيرون على أطرافهم ، فأتاه جماعة منهم وتنصروا وكادوا المسلمين من العرب وغيرهم ، فامتنعت العرب من قصدهم ، وصار
للروم الهيبة العظيمة في قلوب المسلمين ، فأراد أن يحضر
أنطاكية وحلب ، فبلغه أن أهلها قد أعدوا الذخائر والسلاح وما يحتاجون إليه ، فامتنع من ذلك وعاد ومعه من السبي نحو مائة ألف رأس ، ولم يأخذ إلا الصبيان ، والصبايا ،
[ ص: 286 ] والشبان ، فأما الكهول ، والشيوخ ، فمنهم من قتله ، ومنهم من أطلقه .
وكان
بحلب قرغويه ، غلام سيف الدولة بن حمدان ، وقد أخرج
أبا المعالي بن سيف الدولة منها ، على ما نذكره ، فصانع
الروم عليها ، فعادوا إلى بلادهم ، فقيل : كان سبب عودهم كثرة الأمراض ، والموت ، وقيل : ضجروا من طول السفر والغيبة عن بلادهم ، فعادوا على عزم العود .
وسير ملك
الروم سرية كثيرة إلى
الجزيرة ، فبلغوا
كفر توثا ، ونهبوا وسبوا وأحرقوا وعادوا ، ولم يكن من
أبي تغلب بن حمدان في ذلك نكير ولا أثر .