[ ص: 304 ] ذكر
مسير nindex.php?page=showalam&ids=15278المعز لدين الله العلوي من الغرب إلى مصر
في هذه السنة سار
nindex.php?page=showalam&ids=15278المعز لدين الله العلوي من
إفريقية ( يريد الديار
المصرية ) .
وكان أول مسيره أواخر شوال من سنة إحدى وستين وثلاثمائة ، وكان أول رحيله من
المنصورية ، فأقام
بسردانية ، وهي قرية قريبة من
القيروان ، ولحقه بها رجاله ، وعماله وأهل بيته وجميع ما كان له في قصره من أموال وأمتعة وغير ذلك ، حتى إن الدنانير سكبت وجعلت كهيئة الطواحين وحمل كل طاحونتين على جمل .
وسار عنها واستعمل على بلاد
إفريقية يوسف بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي الحميري ، إلا أنه لم يجعل له حكما على جزيرة
صقلية ، ولا على مدينة
طرابلس الغرب ، ولا على
أجدابية ،
وسرت ، وجعل على (
صقلية حسن بن ) علي بن أبي الحسين ، على ما قدمنا ذكره ، وجعل على
طرابلس عبد الله بن يخلف الكتامي ، وكان أثيرا عنده وجعل على جباية أموال
إفريقية زيادة الله بن زياد بن القديم ، وعلى الخراج
عبد الجبار الخراساني ،
وحسين بن خلف الموصدي ، وأمرهم بالانقياد
ليوسف بن زيري .
فأقام
بسردانية أربعة أشهر حتى فرغ من جميع ما يريد ، ثم رحل عنها ، ومعه
يوسف بلكين وهو يوصيه بما يفعله ، ونحن نذكر من سلف
يوسف بلكين وأهله ما تمس الحاجة إليه ، ورد
يوسف إلى أعماله ، وسار إلى
طرابلس ومعه جيوشه وحواشيه ، فهرب منه بها جمع من عسكره إلى جبال نفوسة فطلبهم فلم يقدر عليهم .
ثم سار إلى
مصر ، فلما وصل إلى برقة ومعه
محمد بن هانئ الشاعر الأندلسي ، قتل غيلة ، فرؤي ملقى على جانب البحر قتيلا لا يدرى من قتله ، وكان قتله أواخر رجب
[ ص: 305 ] من سنة اثنتين وستين وثلاثمائة ، وكان من الشعراء المجيدين إلا أنه غالى في مدح
المعز حتى كفره العلماء ، فمن ذلك قوله :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
وقوله : ( )
ولطال ما زاحمت حول ركابه جبريلا
ومن ذلك ما ينسب إليه ولم أجدها في ديوانه قوله :
حل برقادة المسيح حل بها آدم ونوح
حل بها الله ذو المعالي فكل شىء سواه ريح
ورقادة اسم مدينة بالقرب من
القيروان ، إلى غير ذلك ، وقد تأول ذلك من يتعصب له ، والله أعلم ، وبالجملة فقد جاز حد المديح .
ثم سار
المعز حتى وصل إلى
الإسكندرية أواخر شعبان من السنة ، وأتاه أهل
مصر وأعيانها ، فلقيهم ، وأكرمهم ، وأحسن إليهم ، وسار فدخل
القاهرة خامس شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة ، وأنزل عساكره
مصر والقاهرة في الديار ، وبقي كثير منهم في الخيام .
وأما
يوسف بلكين فإنه لما عاد من وداع
المعز أقام
بالمنصورية يعقد الولايات للعمال على البلاد ، ثم سار في البلاد ، وباشر الأعمال ، وطيب قلوب الناس ، فوثب أهل باغاية على عامله فقاتلوه فهزموه ، فسير إليهم
يوسف جيشا فقاتلهم فلم يقدر عليهم ،
[ ص: 306 ] فأرسل إلى
يوسف يعرفه الحال فتأهب
يوسف ، وجمع العساكر ليسير إليهم ، فبينما هو في التجهز أتاه الخبر عن تاهرت أن أهلها قد عصوا ، وخالفوا ، وأخرجوا عامله ، فرحل إلى تاهرت فقاتلها ، فظفر بأهلها ، وخربها ، فأتاه الخبر بها أن
زناتة قد نزلوا على تلمسان ، فرحل إليهم ، فهربوا منه ، وأقام على
تلمسان فحصرها مدة ثم نزلوا على حكمه فعفا عنهم ، إلا أنه نقلهم إلى
مدينة أشير ، فبنوا عندها مدينة سموها
تلمسان .
ثم إن
زيادة الله بن القديم جرى بينه وبين عامل آخر كان معه ، اسمه
عبد الله بن محمد الكاتب ، منافسة صارت إلى محاربة ، واجتمع مع كل واحد منهما جماعة ، وكان بينهما حروب عدة دفعات ، وكان
يوسف بلكين مائلا مع عبد الله لصحبة قديمة بينهما ، ثم إن
أبا عبد الله قبض على
ابن القديم وسجنه واستبد بالأمور بعده ، وبقي
ابن القديم محبوسا حتى توفي
المعز بمصر ، وقوي أمر
يوسف بلكين .
وفي سنة أربع وستين [ وثلاثمائة ] طلع
خلف بن حسين إلى قلعة منيعة ، فاجتمع إليه خلق كثير من
البربر وغيرهم ، وكان من أصحاب
ابن القديم المساعدين له ، فسمع
يوسف بذلك ، فسار إليه ونازل القلعة وحاربه ، فقتل بينهما عدة قتلى ، وافتتحها ، وهرب
خلف بن حسين ، وقتل ممن كان بها خلق كثير ، وبعث إلى
القيروان من رءوسهم سبعة آلاف رأس ، ثم أخذ خلف وأمر به فطيف به على جمل ، ( ثم صلب ) وسير رأسه إلى
مصر ، فلما سمع أهل
باغاية بذلك خافوا ، فصالحوا
يوسف ونزلوا على حكمه ، فأخرجهم من
باغاية وخرب سورها .