[ ص: 310 ] 362
ثم دخلت سنة اثنين وستين وثلاثمائة .
ذكر
انهزام الروم وأسر الدمستق في هذه السنة كانت وقعت بين
هبة الله بن ناصر الدولة بن حمدان وبين
الدمستق بناحية
ميافارقين .
وكان سببها ما ذكرناه من غزو
الدمستق بلاد الإسلام ، ونهبه
ديار ربيعة وديار بكر ، فلما رأى
الدمستق أنه لا مانع له من مراده له قوي طمعه على أخذ آمد إليها ، وبها
هزارمرد غلام أبي الهيجاء بن حمدان ، فكتب إلى
أبي تغلب يستصرخه ويستنجده ، ويعلمه الحال ، فسير إليه أخاه
أبا القاسم هبة الله بن ناصر الدولة ، واجتمعا على حرب
الدمستق ، وسارا فلقياه سلخ رمضان ، وكان
الدمستق في كثرة لكن لقياه في مضيق لا تجول فيه الخيل ،
والروم على غير أهبة ، فانهزموا ، وأخذ المسلمون
الدمستق أسيرا ، ولم يزل محبوسا إلى أن مرض سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ، فبالغ
أبو تغلب في علاجه ، واجتمع الأطباء له ، فلم ينفعه ذلك ومات .
ذكر
حريق الكرخ
في هذه السنة في شعبان ، احترق
الكرخ حريقا عظيما .
وسبب ذلك أن صاحب المعونة قتل عاميا ، فثار به العامة
والأتراك ، فهرب ودخل دار بعض
الأتراك ، فأخرج منها مسحوبا ، وقتل وأحرق ، وفتحت السجون فأخرج ( من فيها ، فركب )
الوزير أبو الفضل لأخذ الجناة ، وأرسل حاجبا له يسمى صافيا في جمع
[ ص: 311 ] لقتال العامة
بالكرخ ، وكان شديد العصبية للسنة ، فألقى النار في عدة أماكن ، فاحترق حريقا عظيما ، وكان عدة من احترق فيه سبعة عشر ألف إنسان ، وثلاثمائة دكان ، وكثيرا من الدور ، وثلاثة وثلاثين مسجدا ، ، ومن الأموال ما لا يحصى .
ذكر
عزل أبي الفضل من وزارة عز الدولة ووزارة nindex.php?page=showalam&ids=13001ابن بقية
وفيها أيضا عزل الوزير
nindex.php?page=showalam&ids=14604أبو الفضل العباس بن الحسين من وزارة
عز الدولة بختيار في ذي الحجة ، واستوزر
محمد بن بقية ، فعجب الناس لذلك لأنه كان وضيعا في نفسه ، وأهل أوانا ، وكان أبوه أحد الزراعين ، لكنه كان قريبا من
بختيار ، وكان يتولى له المطبخ ، ويقدم إليه الطعام ومنديل الخوان على كتفه ، إلى أن استوزر .
وحبس
الوزير أبو الفضل ، فمات عن قريب ، فقيل إنه مات مسموما ، وكان في ولايته مضيعا لجانب الله . فمن ذلك أنه أحرق
الكرخ ببغداذ ، فهلك فيه من الناس والأموال ما لا يحصى ، ومن ذلك أنه ظلم الرعية ، وأخذ الأموال ليفرقها على الجند ليسلم ، فما سلمه الله تعالى ، ولا نفعه ذلك ، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026022من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه ، وأسخط عليه الناس .
وكان ما فعله من ذلك أبلغ الطرق التي سلكها أعداؤه من الوقيعة فيه ، والسعي به ، وتمشى لهم ما أرادوا لما كان عليه من تفريطه في أمر دينه ، وظلم رعيته ، وعقب ذلك أن زوجته ماتت وهو محبوس وحاجبه وكاتبه ، فخربت داره ، وعفي أثرها ، نعوذ بالله من سوء الأقدار ، ونسأله أن يختم بخير أعمالنا ، فإن الدنيا إلى زوال ما هي .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13001ابن بقية فإنه استقامت أموره ، ومشت الأموال بين يديه بما أخذه من أموال
أبي [ ص: 312 ] الفضل ، وأموال أصحابه ، فلما فني ذلك عاد إلى ظلم الرعية ، فانتشرت الأمور على يده ، وخربت النواحي ، وظهر العيارون ، وعملوا ما أرادوا ، وزاد الاختلاف بين
الأتراك وبين
بختيار ، فشرع
nindex.php?page=showalam&ids=13001ابن بقية في إصلاح الحال مع
بختيار وسبكتكين ، فاصطلحوا ، وكانت هدنة على دخن وركب
سبكتكين إلى
بختيار ومعه
الأتراك ، فاجتمع به ، ثم عاد الحال إلى ما كان عليه من الفساد .
وسبب ذلك أن
ديلميا اجتاز بدار
سبكتكين وهو سكران ، فرمى الروشن بزوبين في يده ، فأثبته فيه ، وأحس به
سبكتكين ، فصاح بغلمانه فأخذوه ، وظن
سبكتكين أنه قد وضع على قتله ، فقرره فلم يعترف ، وأنفذه إلى
بختيار وعرفه الحال ، فأمر به فقتل ، فقوي ظن
سبكتكين أنه كان وضعه عليه ، وإنما قتله لئلا يفشي ذلك ، وتحرك
الديلم بقتله ، وحملوا السلاح ، ثم أرضاهم
بختيار فرجعوا .
ذكر
عدة حوادث في هذه السنة في ذي الحجة ، أرسل
عز الدولة بختيار الشريف أبا أحمد الموسوي ، والد
الرضي والمرتضي ، في رسالة إلى
أبي تغلب بن حمدان بالموصل ، فمضى إليه ، وعاد في المحرم سنة ثلاث وستين وثلاثمائة .
[
الوفيات ]
وفيها توفي
أبو العباس محمد بن الحسن بن سعيد المخرمي الصوفي صاحب
الشبلي بمكة .