ذكر
اضطراب كرمان على عضد الدولة وعودها له
في هذه السنة خالف
أهل كرمان على
عضد الدولة .
وسبب ذلك أن رجلا من
الجرومية ، وهي البلاد ، يقال له
طاهر بن الصمة ، ضمن من
عضد الدولة ضمانات ، فاجتمع عليه أموال كثيرة ، فطمع فيها ، وكان
عضد الدولة قد سار إلى
العراق ، وسير وزيره
المطهر بن عبد الله إلى
عمان ليستولي عليها ، فخلت
كرمان من العساكر ، فجمع
طاهر الرجال
الجرومية وغيرهم ، فاجتمع له خلق كثير .
واتفق أن بعض
الأتراك السامانية ، اسمه
يوزتمر ، كان قد استوحش من
أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور ، صاحب جيش
خراسان للسامانية ، فكاتبه
طاهر ، وأطمعه في أعمال
كرمان ، فسار إليه ، واتفقا ، وكان
يوزتمر هو الأمير ، فاتفق أن الرجال
الجرومية شغبوا على
يوزتمر ، فظن أن
طاهرا وضعهم ، فاختلفا واقتتلا ، فظفر
يوزتمر بطاهر وأسره ، وظفر بأصحابه .
وبلغ الخبر إلى
الحسين بن أبي علي بن إلياس ، وهو
بخراسان ، فطمع في البلاد ، فجمع جمعا وسار إليها ، فاجتمع عليه بها جموع كثيرة . ثم إن
المطهر بن عبد الله استولى على
عمان وجبالها ، وأوقع بالشراة فيها وعاد ، فوصله كتاب
عضد الدولة من
بغداذ يأمره بالمسير إلى
كرمان ، فسار إليها مجدا ، وأوقع في طريقه بأهل العيث والفساد ، وقتلهم وصلبهم ، ( ومثل بهم ، ووصل إلى
يوزتمر على حين غفلة منه ، فاقتتلوا بنواحي مدينة
[ ص: 333 ] بم ، فانهزم
يوزتمر ودخل المدينة وحصره
المطهر في حصن في وسط المدينة ، فطلب الأمان فأمنه ، فخرج إليه ومعه
طاهر فأمر
المطهر بطاهر فشهر ، ثم ضرب عنقه .
وأما
يوزتمر فإنه رفعه إلى القلاع ، فكان آخر العهد ، وسار
المطهر إلى
الحسين بن إلياس ، فرأى كثرة من معه ، فخاف جانبهم ، ولم يجد من اللقاء بدا ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم
الحسين على
باب جيرفت ، وانهزم عسكره فمنعهم سور المدينة من الهرب ، فكثر فيهم القتل ، وأخذ
الحسين أسيرا ، وأحضر عند
المطهر ، فلم يعرف له بعد خبر ، وصلحت
كرمان لعضد الدولة .