[ ص: 338 ] 365
ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة
ذكر
وفاة nindex.php?page=showalam&ids=15278المعز لدين الله العلوي وولاية ابنه nindex.php?page=showalam&ids=14780العزيز بالله في هذه السنة توفي
nindex.php?page=showalam&ids=15278المعز لدين الله أبو تميم معد بن المنصور بالله إسماعيل بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد بن المهدي أبي محمد عبيد الله العلوي الحسيني بمصر ، وأمه أم ولد ، وكان موته سابع عشر شهر ربيع الآخر من هذه السنة ، وولد
بالمهدية من
إفريقية حادي عشر شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة ، وعمره خمس وأربعون سنة وستة أشهر تقريبا .
وكان سبب موته أن ملك
الروم بالقسطنطينية أرسل إليه رسولا كان يتردد إليه
بإفريقية ، فخلا به بعض الأيام ، فقال له
المعز : أتذكر إذ أتيتني رسولا ، وأنا
بالمهدية ، فقلت لك : لتدخلن علي وأنا
بمصر مالكا لها ؟ قال : نعم ! قال : وأنا أقول لك : لتدخلن علي
ببغداذ وأنا خليفة .
[ ص: 339 ] فقال له الرسول : إن أمنتني على نفسي ، ولم تغضب ، قلت لك ما عندي . قال له
المعز : قل وأنت آمن ، قال : بعثني إليك الملك ذلك العام ، فرأيت من عظمتك في عيني وكثرة أصحابك ما كدت أموت منه ، ووصلت إلى قصرك ، فرأيت عليه نورا عظيما غطى بصري ، ثم دخلت عليك ، فرأيتك على سريرك ، فظننتك خالقا ، فلو قلت لي إنك تعرج إلى السماء لتحققت ذلك ، ثم جئت إليك الآن ، فما رأيت من ذلك شيئا ، أشرفت على مدينتك ، فكانت في عيني سوداء مظلمة ، ثم دخلت عليك ، فما وجدت من المهابة ما وجدته ذلك العام ، فقلت إن ذلك كان أمرا مقبلا ، وإنه الآن بضد ما كان عليه .
فأطرق
المعز وخرج الرسول من عنده ، وأخذت
المعز الحمى لشدة ما وجد ، واتصل مرضه حتى مات .
وكانت ولايته ثلاثا وعشرين وخمسة أشهر وعشرة أيام ، منها : مقامه
بمصر ، والباقي
بإفريقية ، وهو أول الخلفاء العلويين ملك
مصر وخرج إليها ، وكان مغرى بالنجوم ، ويعمل بأقوال المنجمين . قال له منجمه : إن عليه قطعا في وقت كذا ، وأشار عليه بعمل سرداب يختفي فيه إلى أن يجوز ذلك الوقت ، ففعل ما أمره وأحضر قواده ، فقال لهم : إن بيني وبين الله عهدا أنا ماض إليه ، وقد استخلفت عليكم ابني
نزارا ، يعني
العزيز ، فاسمعوا له وأطيعوا .
ونزل السرداب ، فكان أحد المغاربة إذا رأى سحابا نزل وأومأ بالسلام إليه ، ظنا منه أن
المعز فيه . فغاب سنة ثم ظهر ، وبقي مديدة ، ومرض وتوفي ، فستر ابنه
العزيز موته إلى عيد النحر من السنة ، فصلى بالناس وخطبهم ، ودعا لنفسه ، وعزى بأبيه .
وكان
المعز عالما ، فاضلا ، جوادا شجاعا ، جاريا على منهاج أبيه من حسن السيرة ، وإنصاف الرعية ، وستر ما يدعون إليه ، إلا عن الخاصة ، ثم أظهره ، وأمر الدعاة بإظهاره إلا أنه لم يخرج فيه إلى حد يذم به .
ولما استقر
العزيز في الملك أطاعه العسكر واجتمعوا عليه ، وكان هو يدبر الأمور منذ مات أبوه إلى أن أظهره ، ثم سير إلى الغرب دنانير عليها اسمه ، فرقت في الناس ، وأقر
يوسف بلكين على ولاية
إفريقية ، وأضاف إليه ما كان أبوه استعمل عليه غير
يوسف ، وهي
[ ص: 340 ] طرابلس ، وسرت ، وأجدابية ، فاستعمل عليها
يوسف عماله ، وعظم حينئذ ، وأمن ناحية
العزيز ، واستبد بالملك ، وكان يظهر الطاعة مجاملة ، ومراقبة لا طائل وراءها .