ذكر
حرب يوسف بلكين مع زناتة وغيرها بإفريقية
في هذه السنة جمع
خزرون بن فلفول بن خزر الزناتي جمعا كثيرا ، وسار إلى (
سجلماسة ، فلقيه صاحبها في رمضان فقتله
خزرون وملك )
سجلماسة ، وأخذ منها ، من الأموال والعدد ، شيئا كثيرا وبعث برأس صاحبها إلى
الأندلس ، وعظم شأن
زناتة ، واشتد ملكها .
وكان
بلكين عند
سبتة ، وكان قد رحل إلى
فاس وسجلماسة وأرض الهبط ، وملكه كله وطرد عنه عمال
بني أمية وهربت
زناتة منه ، فلجأ كثير منهم إلى
سبتة ، وهي للأموي صاحب
الأندلس ، وكان في طريقه شعاري مشتبكة ، ولا تسلك ، فأمر بقطعها وإحراقها ، فقطعت وأحرقت حتى صارت للعسكر طريقا .
ثم مضى بنفسه حتى أشرف على
سبتة من جبل مطل عليها ، فوقف نصف نهار لينظر من أي جهة يحاصرها ويقاتلها ، فرأى أنها لا تؤخذ إلا بأسطول ، فخافه أهلها خوفا عظيما ، ثم رجع عنها نحو
البصرة ، وهي مدينة حسنة تسمى
بصرة في
المغرب ، فلما سمعت به
زناتة رحلوا إلى أقاصي الغرب في الرمال والصحارى هاربين منه فدخل
يوسف البصرة ، وكان قد عمرها صاحب
الأندلس عمارة عظيمة ، فأمر بهدمها ونهبها ، ورحل إلى بلد
برغواطة .
وكان ملكهم
عبس بن أم الأنصار وكان مشعبذا ، ساحرا وادعى النبوة ، فأطاعوه في كل ما أمرهم به ، وجعل لهم شريعة ، فغزاه
بلكين ، وكانت بينهم حروب عظيمة لا توصف كان الظفر في آخرها
لبلكين ، وقتل الله
عبس بن أم الأنصار ، وهزم عساكره ، وقتلوا قتلا ذريعا ، وسبى من نسائهم وأبنائهم ما لا يحصى ، وسيره إلى
إفريقية ، ( فقال أهل
[ ص: 341 ] إفريقية ) : إنه لم يدخل إليهم من السبي مثله قط ، وأقام
يوسف بلكين بتلك الناحية قاهرا لأهلها ، وأهل
سبتة منه خائفون ،
وزناتة هاربون في الرمال إلى سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة .