ذكر
مسير حسام الدولة وقابوس إلى جرجان
فلما وردت الكتب من
الأمير نوح على
حسام الدولة بالمسير بعساكر
خراسان جميعها مع
فخر الدولة وقابوس ، جمع العساكر وحشد ، فاجتمع
بنيسابور عساكر سدت الفضاء ، وساروا نحو
جرجان فنازلوها وحصروها ، وبها
مؤيد الدولة ، ومعه من عساكره وعساكر أخيه
عضد الدولة جمع كثير ، إلا أنهم لا يقاربون عساكر
خراسان ، فحصرهم
حسام الدولة شهرين يغاديهم القتال ويراوحهم ، وضاقت الميرة على
أهل جرجان ، حتى كانوا يأكلون نخالة الشعير معجونة بالطين ، فلما اشتد عليهم الأمر خرجوا من
جرجان ، في شهر رمضان ، على عزم صدق القتال إما لهم وإما عليهم . فلما رآهم
أهل خراسان ظنوها كما تقدم من الدفعات ، يكون قتال ، ثم تحاجز ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، فرأوا الأمر خلاف [ ما ] ظنوه .
[ ص: 383 ] وكان
مؤيد الدولة قد كاتب بعض قواد
خراسان ، يسمى فائق الخاصة ، وأطمعه ورغبه ، فأجابه إلى الانهزام عند اللقاء . وسيرد من أخبار فائق هذا ما يعرف به محله من الدولة .
فلما خرج
مؤيد الدولة ، هذا اليوم ، حمل عسكره على فائق وأصحابه ، فانهزم هو ومن معه ، وتبعه الناس ، وثبت
فخر الدولة ،
وحسام الدولة في القلب ، واشتد القتال إلى آخر النهار ، فلما رأوا تلاحق الناس في الهزيمة لحقوا بهم ، وغنم أصحاب
مؤيد الدولة منهم ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، وأخذوا من الأقوات شيئا كثيرا .
وعاد
حسام الدولة ،
وفخر الدولة ،
وقابوس إلى
نيسابور ، وكتبوا إلى
بخارى بالخبر ، فأتاهم الجواب يمنيهم ، ويعدهم بإنفاذ العساكر والعود إلى
جرجان والري ، وأمر
الأمير نوح سائر العساكر بالمسير إلى
نيسابور ، فأتوها من كل حدب ينسلون ، فاجتمع بظاهر
نيسابور من العساكر أكثر من المرة الأولى ،
وحسام الدولة ينتظر تلاحق الأمداد ليسير بهم ، فأتاهم الخبر بقتل الوزير
أبي الحسين العتبي ، فتفرق ذلك الجمع ، وبطل ذلك التدبير .
وكان سبب قتله أن
أبا الحسن بن سيمجور وضع جماعة من المماليك على قتله ، فوثبوا به فقتلوه ، فلما قتل كتب
الرضي نوح بن منصور إلى
حسام الدولة يستدعيه إلى
بخارى ليدبر دولته ، ويجمع ما انتشر منها بقتل
أبي الحسين ، فسار عن
نيسابور إليها ، وقتل من ظفر به من قتلة
أبي الحسين ، وكان قتله سنة اثنتين وسبعين [ وثلاثمائة ] .