[ ص: 12 ] ذكر
الوقت الذي ابتدئ فيه بعمل التاريخ في الإسلام
قيل : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
المدينة أمر بعمل التاريخ .
والصحيح المشهور أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أمر بوضع التاريخ .
وسبب ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري كتب إلى
عمر : إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ . فجمع الناس للمشورة ، فقال بعضهم : أرخ لمبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال بعضهم : أرخ لمهاجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال
عمر : بل نؤرخ لمهاجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن مهاجرته فرق بين الحق والباطل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : رفع إلى
عمر صك محله شعبان ، فقال : أي شعبان ؟ أشعبان الذي هو آت أم شعبان الذي نحن فيه ؟ ثم قال لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ضعوا للناس شيئا يعرفونه . فقال بعضهم : اكتبوا على تاريخ
الروم فإنهم يؤرخون من عهد
ذي القرنين . فقال : هذا يطول . فقال اكتبوا على تاريخ
الفرس . فقيل : إن
الفرس كلما قام ملك طرح تاريخ من كان قبله . فاجتمع رأيهم على أن ينظروا كم أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
[ ص: 13 ] بالمدينة ، فوجدوه عشر سنين ، فكتبوا من هجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : قام رجل إلى
عمر فقال : أرخوا . فقال
عمر : ما أرخوا ؟ فقال : شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا . فقال
عمر : حسن ، فأرخوا . فاتفقوا على الهجرة ، ثم قالوا : من أي الشهور ؟ فقالوا : من رمضان ، ثم قالوا : فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم ، وهو شهر حرام ، فأجمعوا عليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : جمع
عمر الناس فقال : من أي يوم نكتب التاريخ ؟ فقال
علي : من مهاجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفراقه أرض الشرك . ففعله
عمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار : أول من أرخ
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية وهو
باليمن .
وأما قبل الإسلام فقد كان
بنو إبراهيم يؤرخون من نار
إبراهيم إلى بنيان
البيت حتى بناه
إبراهيم ،
وإسماعيل - عليهما السلام - ثم أرخ
بنو إسماعيل من بنيان
البيت حتى تفرقوا ، فكان كلما خرج قوم من
تهامة أرخوا بمخرجهم ، ومن بقي
بتهامة من
بني إسماعيل يؤرخون من خروج
سعد ،
ونهد ،
وجهينة بني زيد من
تهامة حتى مات
كعب بن لؤي ، وأرخوا من موته إلى الفيل ، ثم كان التاريخ من الفيل حتى أرخ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب من الهجرة ، وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة .
[ ص: 14 ] وقد كان كل طائفة من العرب تؤرخ بالحادثات المشهورة فيها ، ولم يكن لهم تاريخ يجمعهم ، فمن ذلك قول بعضهم :
ها أنا ذا آمل الخلود وقد أدرك عقلي ومولدي حجرا
وقال
الجعدي :
فمن يك سائلا عني فإني من الشبان أيام الخنان
وقال آخر :
وما هي إلا في إزار وعقلة بغار ابن همام على حي خثعما
وكل واحد أرخ بحادث مشهور عندهم ، فلو كان لهم تاريخ يجمعهم لم يختلفوا في التاريخ . والله أعلم .