[ ص: 519 ] 391
ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة
ذكر
قتل المقلد وولاية ابنه قرواش
هذه السنة قتل
حسام الدولة nindex.php?page=showalam&ids=16164المقلد بن المسيب العقيلي غيلة ، قتله مماليك له ترك .
وكان سبب قتله أن هؤلاء الغلمان كانوا قد هربوا منه ، فتبعهم وظفر بهم وقتل منهم وقطع ، وأعاد الباقين ، فخافوه على نفوسهم ، فاغتنم بعضهم غفلته وقتله
بالأنبار ، وكان قد عظم أمره ، وراسل وجوه العساكر
ببغداذ وأراد التغلب على الملك ، فأتاه الله من حيث لا يشعر .
ولما قتل كان ولده الأكبر
قرواش غائبا ، وكانت أمواله وخزائنه
بالأنبار ، فخاف نائبه
عبد الله بن إبراهيم بن شهرويه بادرة الجند ، فراسل
أبا منصور بن قراد اللديد ، وكان
بالسندية ، فاستدعاه إليه وقال له : أنا أجعل بينك وبين
قرواش عهدا ، وأزوجه ابنتك وأقاسمك على ما خلفه أبوه ، ونساعده على عمه
الحسن إن قصده وطمع فيه . فأجابه إلى ذلك وحمى الخزائن والبلد .
وأرسل
عبد الله إلى
قرواش يحثه على الوصول ، فوصل وقاسمه على المال ، وأقام
قراد عنده .
ثم إن
الحسن بن المسيب جمع مشايخ
عقيل ، وشكا
قرواشا إليهم وما صنع مع
قراد ، فقالوا له : خوفه منك حمله على ذلك ، فبذل من نفسه الموافقة له ، والوقوف
[ ص: 520 ] عند رضاه ، وسفر المشايخ بينهما فاصطلحا ، واتفقا على أن يسير
الحسن إلى
قرواش شبه المحارب ، ويخرج هو
وقراد لقتاله ، فإذا لقي بعضهم بعضا عادوا جميعا على
قراد فأخذوه ، فسار
الحسن وخرج
قرواش وقراد لقتاله .
فلما تراءى الجمعان جاء بعض أصحاب
قراد إليه فأعلمه الحال ، فهرب على فرس له ، وتبعه
قرواش والحسن فلم يدركاه ، وعاد
قرواش إلى بيت
قراد فأخذ ما فيه من الأموال التي أخذها من
قرواش ، وهي بحالها ، وسار
قرواش إلى
الكوفة ، فأوقع
بخفاجة عندها وقعة عظيمة ، فساروا بعدها إلى
الشام ، فأقاموا هناك حتى أحضرهم (
أبو جعفر ) الحجاج ، على ما نذكره إن شاء الله .
ذكر البيعة لولي العهد
في هذه السنة ، في ربيع الأول ، أمر
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله بالبيعة لولده
أبي الفضل بولاية العهد ، وأحضر حجاج
خراسان وأعلمهم ذلك ، ولقبه
الغالب بالله .
وكان سبب البيعة له أن
أبا عبد الله بن عثمان الواثقي ، من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=15465الواثق بالله أمير المؤمنين ، كان من أهل
نصيبين ، فقصد
بغداذ ، ثم سار عنها إلى
خراسان ، وعبر النهر إلى
هارون بن أيلك بغراخاقان ، وصحبه الفقيه
أبو الفضل التميمي ، وأظهر أنه رسول من الخليفة إلى
هارون يأمره بالبيعة لهذا
الواثقي ، فإنه ولي عهد ، فأجابه
خاقان إلى ذلك ، وبايع له وخطب له ببلاده وأنفق عليه . فبلغ ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله ، فعظم عليه ، وراسل
خاقان في معناه ، فلم يصغ إلى رسالته .
فلما توفي
هارون خاقان ، وولي بعده
أحمد قراخاقان ، كاتبه الخليفة في معناه ، فأمر بإبعاده ، فحينئذ بايع الخليفة لولده بولاية العهد .
وأما
الواثقي فإنه خرج من عند
أحمد قراخاقان وقصد
بغداذ فعرف بها وطلب ، فهرب منها إلى
البصرة ، ثم إلى
فارس وكرمان ، ثم إلى بلاد
الترك ، فلم يتم له ما
[ ص: 521 ] أراد ، وراسل الخليفة الملوك يطلبه ، فضاقت عليه الأرض ، وسار إلى
خوارزم وأقام بها ، ثم فارقها ، فأخذه
يمين الدولة محمود بن سبكتكين فحبسه ( في قلعة ) إلى أن توفي بها .
ذكر
استيلاء طاهر بن خلف على كرمان وعوده عنها
في هذه السنة سار
طاهر بن خلف بن أحمد ، صاحب
سجستان ، إلى
كرمان طالبا ملكها .
وكان سبب مسيره إليها أنه كان قد خرج عن طاعة أبيه ، وجرى بينهما حروب كان الظفر فيها لأبيه ، ففارق
سجستان وسار إلى
كرمان ، وبها عسكر
بهاء الدولة ، وهي له على ما ذكرناه ، فاجتمع من بها من العسكر إلى المقدم عليهم ( ومتولي أمر البلاد ، هو
أبو موسى سياهجيل ) ، فقالوا له : إن هذا الرجل قد وصل ، وهو ضعيف ، والرأي أن تبادره قبل أن يقوى أمره ويكثر جمعه . فلم يفعل واستهان به ، فكثر جمع
طاهر ، وصعد إلى الجبال ، وبها قوم من العصاة على السلطان ، فاحتمى بهم وقوي ، فنزل إلى
جيرفت فملكها وملك غيرها ، وقوي طمعه في الباقي .
فقصده
أبو موسى والديلم ، فهزمهم ، وأخذ بعض ما بقي بأيديهم ، فكاتبوا
بهاء الدولة ، فسير إليهم جيشا عليهم
أبو جعفر بن أستاذ هرمز ، فسار إلى
كرمان ، وقصد
بم ، وبها
طاهر ، فجرى بين طلائع العسكرين حرب ، وعاد
طاهر إلى
سجستان ، وفارق
كرمان ، فلما بلغ
سجستان أطلق المأسورين ، ودعاهم إلى قتال أبيه معه ، وحلف لهم أنهم إذا نصروه وقاتلوا معه أطلقهم ، ففعلوا ذلك ، وقاتل أباه ، فهزمه وملك
طاهر البلاد ودخل أبوه إلى حصن له منيع فاحتمى به .
وأحب الناس
طاهرا لحسن سيرته ، وسوء سيرة والده ، وأطلق
طاهر الديلم ، ثم
[ ص: 522 ] إن أباه راسل أصحابه ليفسدهم عليه ، فلم يفعلوا فعدل إلى مخادعته ، وراسله يظهر له الندم على ما كان منه ، ويستميله بأنه ليس له ولد غيره ، وأنه يخاف أن يموت فيملك بلاده غير ولده . ثم استدعاه إليه جريدة ليجتمع به ويعرفه أحواله ، فتواعدا تحت قلعة
خلف ، فأتاه ابنه جريدة ، ونزل هو إليه كذلك ، وكان قد كمن بالقرب منه كمينا ، فلما لقيه اعتنقه ، وبكى
خلف ، وصاح في بكائه ، فخرج الكمين وأسروا
طاهرا ، فقتله أبوه بيده ، وغسله ودفنه ، ولم يكن له ولد غيره .
فلما قتل طمع الناس في
خلف ، لأنهم كانوا يخافون ابنه لشهامته ، وقصده حينئذ
nindex.php?page=showalam&ids=14503محمود بن سبكتكين ، فملك بلاده على ما نذكره ، وأما
العتبي فذكر في سبب فتحها غير هذا ، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ثار
الأتراك ببغداذ بنائب السلطان ، وهو
nindex.php?page=showalam&ids=15954أبو نصر سابور ، فهرب منهم ، ووقعت الفتنة بين
الأتراك العامة من أهل
الكرخ ، وقتل بينهم قتلى كثيرة ، ثم إن السنة من أهل
بغداذ ساعدوا
الأتراك على أهل
الكرخ ، فضعفوا عن الجميع ، فسعى الأشراف في إصلاح الحال فسكنت الفتنة .
وفيها ولد الأمير
nindex.php?page=showalam&ids=14932أبو جعفر عبد الله بن القادر ، وهو القائم بأمر الله .
[ الوفيات ]
وفيها ، في ربيع الأول ، توفي
أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى ، وكان فاضلا [ عالما ] بعلوم الإسلام وبالمنطق ، وكان يجلس للتحديث ، وروى الناس عنه .
[ ص: 523 ] وفيها توفي القاضي
أبو الحسن الجوزي ، وكان على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري ، وكان يصحب
عضد الدولة قديما .
وفيها توفي
أبو عبد الله الحسين بن الحجاج الشاعر بطريق
النيل ، وحمل إلى
بغداذ ، وديوانه مشهور .
وفيها توفي
بكران بن أبي الفوارس خال الملك
جلال الدولة بواسط .
وفيها توفي
جعفر بن الفضل بن جعفر ( بن محمد ) بن الفرات المعروف بابن حنزابة ، الوزير ، ومولده سنة ثمان وثلاثمائة ، وكان سار إلى
مصر فولي وزارة
كافور وروى حديثا كثيرا .