[ ص: 538 ] 395
ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثلاثمائة
ذكر
عود مهذب الدولة إلى البطيحة
قد ذكرنا انهزام
عميد الجيوش من
أبي العباس بن واصل ، فلما انهزم أقام
بواسط ، وجمع العساكر عازما على العود إلى
البطائح ، وكان
أبو العباس قد ترك بها نائبا له ، فلم يتمكن من المقام بها ، ففارقها إلى صاحبه ، فأرسل
عميد الجيوش إليها نائبا من أهل
البطائح ، فعسف الناس ، وأخذ الأموال ، ولم يلتفت إلى
عميد الجيوش ، فأرسل إلى
بغداذ وأحضر
مهذب الدولة ، وسير معه العساكر في السفن إلى
البطيحة ، فلما وصلها لقيه أهل البلاد ، وسروا بقدومه ، وسلموا إليه جميع الولايات ، واستقر عليه
بهاء الدولة كل سنة خمسين ألف دينار ، ولم يعترض عليه
ابن واصل ، فاشتغل عنه ( بالتجهيز إلى )
خوزستان ، وحفر نهرا إلى جانب النهر العضدي ، بين
البصرة والأهواز ، وكثر ماؤه ، وكان قد اجتمع عنده جمع كثير من
الديلم وأنواع الأجناد .
ولما كثر ماله وذخائره ، و [ ما ] استولى عليه من
البطيحة ، قوي طمعه في الملك ، وسار هو وعسكره إلى
الأهواز في ذي القعدة ، فجهز إليها
بهاء الدولة جيشا في الماء ، فالتقوا
بنهر السدرة ، فاقتتلوا ، وخاتلهم
أبو العباس ، وسار إلى
الأهواز وتبعه من كان قد لقيه من العسكر ، فالتقوا بظاهر
الأهواز ، وانضاف إلى عسكر
بهاء الدولة العساكر التي
بالأهواز ، فاستظهر
أبو العباس عليهم .
[ ص: 539 ] ورحل
بهاء الدولة إلى
قنطرة أربق ، عازما على المسير إلى
فارس ، ودخل
أبو العباس إلى دار المملكة وأخذ ما فيها من الأمتعة والأثاث
المتخلف عن
بهاء الدولة ، إلا أنه لم يمكنه المقام لأن
بهاء الدولة كان قد جهز عسكرا ليسير في البحر إلى
البصرة ، فخاف
أبو العباس من ذلك ، وراسل
بهاء الدولة ، وصالحه وزاد في أقطاعه ، وحلف كل واحد منهما لصاحبه ، وعاد إلى
البصرة ، وحمل معه كل ما أخذه من دار
بهاء الدولة ودور الأكابر والقواد والتجار .
ذكر
غزوة بهاطية
في هذه السنة غزا
يمين الدولة بهاطية من أعمال
الهند ، وهي وراء المولتان ، وصاحبها يعرف
ببحيرا ، وهي مدينة حصينة ، عالية السور ، يحيط بها خندق عظيم ، فامتنع صاحبها بها ، ثم إنه خرج إلى ظاهرها ، فقاتل المسلمين ثلاثة أيام ثم انهزم في الرابع ، وطلب المدينة ليدخلها ، فسبقهم المسلمون إلى باب البلد فملكوه عليهم ، وأخذتهم السيوف من بين أيديهم ومن خلفهم ، فقتل المقاتلة وسبيت الذرية وأخذت الأموال .
أما
بحيرا فإنه لما عاين الهلاك أخذ جماعة من ثقاته وسار إلى رءوس تلك الجبال ، فسير إليه
يمين الدولة سرية ، فلم يشعر بهم بحيرا إلا وقد أحاطوا به ، وحكموا السيوف في أصحابه ، فلما أيقن بالعطب أخذ خنجرا معه فقتل به نفسه ، وأقام
يمين الدولة ببهاطية حتى أصلح أمرها ، ورتب قواعدها ، وعاد عنها إلى غزنة ، واستخلف بها من يعلم من أسلم من أهلها وما يجب عليهم تعلمه ، ولقي في عوده شدة شديدة من الأمطار وكثرتها ، وزيادة الأنهار ، فغرق منه من عسكره عظيم .
[ ص: 540 ] ذكر عدة حوادث
في هذه السنة كان
بإفريقية غلاء شديد بحيث تعطلت المخابز والحمامات ، وهلك الناس ، وذهبت الأموال من الأغنياء ، وكثر الوباء ، فكان يموت كل يوم ما بين خمسمائة إلى سبعمائة .
وفيها وصل
قرواش وأبو جعفر الحجاج إلى
الكوفة ، فقبضا على
أبي علي عمر بن محمد بن عمر العلوي ، وأخذ منه
قرواش مائة ألف دينار ، وحمله معه إلى
الأنبار .
[ الوفيات ]
وفيها
توفي إسحاق بن محمد بن حمدان بن محمد بن نوح أبو إبراهيم المهلبي .
( وفيها توفي
محمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن أبي إسماعيل العلوي الهمذاني ، الفقيه الشافعي ، رحمه الله تعالى ) .