[ ص: 595 ] 405
ثم دخلت سنة خمس وأربعمائة
ذكر
غزوة تانيشر
قد ذكر
ليمين الدولة أن بناحية
تانيشر فيلة من جنس فيلة الصيلمان الموصوفة في الحرب ، وأن صاحبها غال في الكفر والطغيان ، والعناد للمسلمين ، فعزم على غزوه ( في عقر داره ، وأن يذيقه شربة من كأس قتاله ) ، فسار في الجنود والعساكر والمتطوعة ، فلقي في طريقه أودية بعيدة القعر ، وعرة المسالك ، وقفارا فسيحة الأقطار والأطراف ، بعيدة الأكناف ، والماء بها قليل ، فلقوا شدة ، وقاسوا مشقة إلى أن قطعوها .
فلما قاربوا مقصدهم لقوا نهرا شديد الجرية ، صعب المخاضة ، وقد وقف صاحب تلك البلاد على طرفه ، يمنع من عبوره ، ومعه عساكره وفيلته التي كان يدل بها . فأمر
يمين الدولة شجعان عسكره بعبور النهر ، وإشغال الكافر بالقتال ليتمكن باقي العسكر من العبور ، ففعلوا ذلك ، وقاتلوا
الهنود ، وشغلوهم عن حفظ النهر ، حتى عبر سائر العسكر في المخاضات ، وقاتلوهم من جميع جهاتهم إلى آخر النهار ، فانهزم
الهند ، وظفر المسلمون ، وغنموا ما معهم من أموال وفيلة ، وعادوا إلى
غزنة موفرين ظافرين .