ذكر
دولة nindex.php?page=showalam&ids=17325يحيى بن علي بن حمود وما كان منه ومن عمه
لما سار
القاسم بن حمود عن
قرطبة إلى
إشبيلية سار ابن أخيه
يحيى بن علي من
مالقة إلى
قرطبة ، فدخلها بغير مانع ، فلما تمكن
بقرطبة دعا الناس إلى بيعته فأجابوه ، فكانت البيعة مستهل جمادى الأولى من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، ولقب بالمعتلي ، وبقي
بقرطبة يدعى له بالخلافة وعمه
القاسم بإشبيلية يدعى له بالخلافة ، إلى ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربعمائة . فسار
يحيى عن
قرطبة إلى
مالقة .
ووصل الخبر إلى عمه ، فركب وجد في السير ليلا ونهارا إلى أن وصل إلى
قرطبة فدخلها ثامن عشر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة [ وأربعمائة ] ، وكان مدة مقامه
بإشبيلية ، قد استمال العساكر من
البربر وقوي بهم ، وبقي القاسم
بقرطبة شهورا ، ثم اضطرب أمره بها ، وسار ابن أخيه
يحيى بن علي إلى
الجزيرة الخضراء ، وغلب عليها
[ ص: 620 ] وبها أهل عمه وماله ، وغلب أخوه
إدريس بن علي ، صاحب
سبتة ، على
طنجة ، وهي كانت عدة
القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف
بالأندلس ، فلما ملك ابنا أخيه بلاده طمع فيه الناس ، وتسلط
البربر على
قرطبة فأخذوا أموالهم ، فاجتمع أهلها وبرزوا إلى قتاله عاشر جمادى الأولى إلى سنة أربع عشرة [ وأربعمائة ] ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم سكنت الحرب ، وأمن بعضهم بعضا إلى منتصف جمادى الأول من السنة ،
والقاسم بالقصر يظهر التودد لأهل
قرطبة ، وأنه معهم ، وباطنه مع
البربر .
فلما كان يوم الجمعة منتصف جمادى الآخرة صلى الناس الجمعة ، فلما فرغوا تنادوا : السلاح ! السلاح ! فاجتمعوا ولبسوا السلاح ، وحفظوا البلد ، ودخلوا قصر الإمارة ، فخرج عنها
القاسم ، واجتمع معه
البربر ، وقاتلوا أهل البلد ، وضيقوا عليهم ، وكانوا أكثر من أهله ، فبقوا كذلك نيفا وخمسين يوما والقتال متصل ، فخاف أهل
قرطبة ، وسألوا
البربر في أن يفتحوا لهم الطريق ويؤمنوهم على أنفسهم وأهليهم ، فأبوا إلا أن يقتلوهم ، فصبروا حينئذ على القتال ، وخرجوا من البلد ثاني عشر شعبان ، وقاتلوهم قتال مستقتل ، فنصرهم الله على
البربر ،
ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله ، وانهزم
البربر هزيمة عظيمة ، ولحق كل طائفة منهم ببلد فاستولوا عليه .
وأما
القاسم بن حمود فإنه سار إلى
إشبيلية ، وكتب إلى أهلها في إخلاء ألف دار ليسكنها
البربر ، فعظم ذلك عليهم ، وكان بها ابنا
محمد والحسن ، فثار بهما أهلها ، فأخرجوهما عنهم ومن معهما ، وضبطوا البلد ، وقدموا على أنفسهم ثلاثة من شيوخهم وكبرائهم وهم : القاضي أبو القاسم
محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمي ،
ومحمد بن يريم الألهاني ،
ومحمد بن محمد بن الحسن الزبيدي ، وكانوا يدبرون أمر البلد والناس
ثم اجتمع
ابن يريم والزبيدي ، وسألوا
ابن عباد أن ينفرد بتدبير أمورهم ، فامتنع
[ ص: 621 ] وألحوا عليه ، فلما خاف على البلد بامتناعه أجابهم إلى ذلك ، وانفرد بالتدبير وحفظ البلد .
فلما رأى
القاسم ذلك سار في تلك البلاد ، ثم إنه نزل
بشريش ، فزحف إليه
يحيى ابن أخيه
علي ، ومعه جمع من
البربر فحصروه ثم أخذوه أسيرا ، فحبسه
يحيى فبقي في حبسه إلى أن توفي
يحيى وملك أخوه
إدريس ، فلما ملك قتله ، وقيل : بل مات حتف أنفه ، وحمل إلى ابنه
محمد ، وهو
بالجزيرة الخضراء فدفنه .
وكانت مدة ولاية
القاسم بقرطبة ، مذ تسمى بالخلافة إلى أن أسره ابن أخيه ، ستة أعوام ، وبقي محبوسا ست عشرة سنة إلى أن قتل سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، وكان له ثمانون سنة ، وله من الولد
محمد والحسن ، وأمهما
أميرة بنت الحسن بن القاسم المعروف
بقتون بن إبراهيم بن محمد بن القاسم بن إدريس بن إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، وكان أسمر ، أعين ، أكحل ، مصفر اللون ، طويلا ، خفيف العارضين .