ذكر
ولاية الظاهر لإعزاز دين الله
لما قتل الحاكم ، على ما ذكرناه ، بقي الجند خمسة أيام ثم اجتمعوا إلى أخته
[ ص: 663 ] واسمها
ست الملك ، وقالوا : قد تأخر مولانا ولم تجر عادته بذلك . فقالت : قد جاءتني رقعته بأنه يأتي بعد غد . فتفرقوا ، وبعثت بالأموال إلى القواد على يد
ابن دواس ، فلما كان اليوم السابع ألبست
أبا الحسن عليا ابن أخيها الحاكم أفخر الملابس ، وكان الجند قد حضروا للميعاد ، فلم يرعهم إلا وقد أخرج
أبو الحسن ، وهو صبي ، والوزير بين يديه ، فصاح : يا عبيد الدولة ، مولاتنا تقول لكم : هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه ! فقبل
ابن دواس الأرض ، والقواد الذين أرسلت إليهم الأموال ، ودعوا له ، فتبعهم الباقون ومشوا معه ، ولم يزل راكبا إلى الظهر ، فنزل ودعا الناس من الغد فبايعوا له ، ولقب
الظاهر لإعزاز دين الله ، وكتبت الكتب إلى البلاد
بمصر والشام بأخذ البيعة له .
وجمعت أخت الحاكم الناس ، ووعدتهم ، وأحسنت إليهم ، ورتبت الأمر ترتيبا حسنا ، وجعلت الأمر بيد
ابن دواس ، وقالت له : إننا نريد أن نرد جميع أحوال المملكة إليك ، ونزيد في إقطاعك ، ونشرفك بالخلع ، فاختر يوما يكون ذلك . فقبل الأرض ودعا ، وظهر الخبر به بين الناس ، ثم أحضرته ، وأحضرت القواد معه ، وأغلقت أبواب القصر ، وأرسلت إليه خادما وقالت له : قل للقواد إن هذا قتل سيدكم ، واضربه بالسيف ، ففعل ذلك ، وقتله ، فلم يختلف رجلان ، وباشرت الأمور بنفسها ، وقامت هيبتها عند الناس ، واستقامت الأمور ، وعاشت بعد الحاكم أربع سنين وماتت .