صفحة جزء
ذكر وفاة أبي القاسم بن المغربي وأبي الخطاب

أما أبو القاسم بن المغربي فتوفي هذه السنة بميافارقين ، وكان عمره ستا وأربعين سنة ، ولما أحس بالموت كتب كتبا عن نفسه إلى كل من يعرفه من الأمراء والرؤساء الذين بينه وبين الكوفة ، ويعرفهم أن حظية له توفيت ، وأنه قد سير تابوتها إلى مشهد أمير المؤمنين ، علي ، عليه السلام ، وخاطبهم في المراعاة لمن في صحبته . وكان قصده أن لا يتعرض أحد لتابوته بمنع ، وينطوي خبره . فلما توفي سار به أصحابه ، كما أمرهم ، وأوصلوا الكتب ، فلم يعرض أحد إليه فدفن بالمشهد ، ولم يعلم به أحد إلا بعد دفنه .

ولأبي القاسم شعر حسن ، فمنه ( هذه الأبيات ) :


وما ظبية أدماء تحنو على طلا ، ترى الإنس وحشا وهي تأنس بالوحش     غدت فارتعت ثم انثنت لرضاعه
، فلم تلف شيئا من قوائمه الحمش

[ ص: 703 ]     فطافت بذاك القاع ولهى
، فصادفت سباع الفلا ينهشنه أيما نهش     بأوجع مني يوم ظلت أنامل
تودعني بالدر من شبك النقش     وأجمالهم تحدى وقد خيل الهوى
كأن مطاياهم على ناظري تمشي     وأعجب ما في الأمر أن عشت بعدهم
على أنهم ما خلفوا لي من بطش



وأما أبو الخطاب حمزة بن إبراهيم فإنه مات بكرخ سامرا مفلوجا ، غريبا ، قد زال عنه أمره وجاهه ، وكان مولده سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ورثاه المرتضى ، وكان سبب اتصاله ببهاء الدولة معرفة النجوم ، وبلغ منه منزلة لم يبلغها أمثاله ، فكان الوزراء يخدمونه ، وحمل إليه فخر الملك مائة ألف دينار فاستقلها ، وصار أمره إلى ما صار من الضيق والفقر والغربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية