ذكر
ما كان من الغز الذين بأذربيجان ومفارقتها
قد ذكرنا أن طائفة من
الغز وصلوا إلى
أذربيجان ، فأكرمهم
وهسوذان ، وصاهرهم ، رجاء نصرهم وكف شرهم .
وكان أسماء مقدميهم :
بوقا ،
وكوكتاش ،
ومنصور ،
ودانا ، وكان ما أمله بعيدا فإنهم لم يتركوا الشر والفساد ، والقتل والنهب ، وساروا إلى
مراغة ، فدخلوها سنة تسع وعشرين [ وأربعمائة ] ، وأحرقوا جامعها ، وقتلوا من عوامها مقتلة كثيرة ، ومن
الأكراد الهذبانية كذلك ، وعظم الأمر ، واشتد البلاء .
فلما رأى
الأكراد ما حل بهم وبأهل البلاد شرعوا في الصلح والاتفاق على دفع
[ ص: 719 ] شرهم ، فاصطلح
أبو الهيجاء بن ربيب الدولة ووهسوذان صاحب
أذربيجان واتفقت كلمتهما ، واجتمع معهما أهل تلك البلاد ، فانتصفوا من
الغز . ، فلما رأوا اجتماع أهل البلاد على حربهم انصرفوا عن
أذربيجان ، وتعذر عليهم المقام بها ، ثم إنهم افترقوا ، فسار طائفة إلى ( الذين على )
الري ، ومقدمهم
بوقا ، وسار طائفة منهم ، ومقدمهم
منصور وكوكتاش إلى
همذان فحصروها ، وبها
أبو كاليجار بن علاء الدولة بن كاكويه ، فاتفق هو وأهل البلاد على قتالهم ، ودفعهم عن أنفسهم وبلدهم فقتل بين الفريقين جماعة كثيرة ، وطال مقامهم على
همذان ، فلما رأى
nindex.php?page=showalam&ids=12136أبو كاليجار بن
علاء الدولة ذلك ، وضعفه عن مقاومتهم ، راسل
كوكتاش وصالحه وصاهره .
وأما الذين قصدوا
الري فإنهم حصروها ، وبها
علاء الدولة بن كاكويه ، واجتمع معهم
nindex.php?page=showalam&ids=16564فناخسرو بن مجد الدولة ،
وكامرو الديلمي ، صاحب
ساوة ، فكثر جمعهم ، واشتدت شوكتهم . فلما رأى
علاء الدولة أنهم كلما جاء أمرهم ازدادوا قوة ، وضعف هو ، خاف على نفسه ، وفارق البلد في رجب ليلا ، ومضى هاربا إلى
أصبهان ، وأجفل أهل البلد وتمزقوا ، وعدلوا عن القتال إلى الاحتيال للهرب ، وغاداهم
الغز من الغد القتال ، فلم يثبتوا لهم ، ودخلوا البلد ، ونهبوا نهبا فاحشا ، وسبوا النساء ، وبقوا كذلك خمسة أيام ، حتى لجأ الحرم إلى الجامع ، وتفرق الناس في كل مذهب ومهرب ، وكان السعيد من نجا بنفسه ، وكانت هذه الوقعة بعد التي تقدمتها مستأصلة ، حتى قيل إن بعض الجمع لم يكن بالجامع إلا خمسون نفسا .
ولما فارق
علاء الدولة الري تبعه جمع من
الغز فلم يدركوه فعدلوا إلى
كرج فنهبوها ، وفعلوا فيها الأفاعيل القبيحة . ومضى طائفة منهم ومقدمهم
ناصغلي ، إلى
قزوين ، فقاتلهم أهلها ، ثم صالحوهم على سبعة آلاف دينار ، وصاروا في طاعته .
وكان
بأرمية طائفة منهم ، فساروا إلى بلد
الأرمن ، فأوقعوا بهم وأثخنو فيهم
[ ص: 720 ] وأكثروا القتل ، وغنموا وسبوا ، وعادوا إلى
أرمية وأعمال
أبي الهيجاء الهذباني ، فقاتلهم أكرادها لما أنكروه من سوء مجاورتهم ، فقتل خلق كثير ، ونهب
الغز سواد البلاد هناك ، وقتلوا من
الأكراد كثيرا .