[ ص: 752 ] 423
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة
ذكر
وثوب الأجناد بجلال الدولة وإخراجه من بغداذ في هذه السنة ، في ربيع الأول ، تجددت الفتنة بين
جلال الدولة وبين
الأتراك ، فأغلق بابه فجاءت
الأتراك ونهبوا داره ، وسلبوا الكتاب وأرباب الديوان ثيابهم ، وطلبوا الوزير
أبا إسحاق السهلي ، فهرب إلى حلة
كمال الدولة غريب بن محمد ، وخرج
جلال الدولة إلى
عكبرا في شهر ربيع الآخر ، وخطب
الأتراك ببغداذ للملك
nindex.php?page=showalam&ids=12136أبي كاليجار ، وأرسلوا إليه يطلبونه وهو
بالأهواز .
فمنعه
العادل بن مافنة عن الإصعاد إلى أن يحضر بعض قوادهم .
فلما رأوا امتناعه من الوصول إليهم ، أعادوا خطبة
جلال الدولة ، وساروا إليه ، وسألوه العود إلى
بغداذ ، واعتذروا ، فعاد إليها بعد ثلاثة وأربعين يوما ، ووزر له
أبو القاسم بن ماكولا ، ثم عزل ، ووزر بعده
عميد الدولة أبو سعد بن عبد الرحيم ، فبقي وزيرا أياما ثم استتر .
وسبب ذلك أن
جلال الدولة تقدم إليه بالقبض على
أبي المعمر إبراهيم بن الحسين البسامي طمعا في ماله ، فقبض عليه ، وجعله في داره . فثار
الأتراك ، وأرادوا منعه ، وقصدوا دار الوزير ، وأخذوه وضربوه ، وأخرجوه من داره حافيا ، ومزقوا ثيابه ، وأخذوا عمامته وقطعوها ، وأخذوا خواتيمه من يده فدميت أصابعه ، وكان
جلال الدولة في الحمام ، فخرج مرتاعا ، فركب وظهر لينظر ما الخبر ، فأكب الوزير يقبل الأرض ، ويذكر ما فعل به ، فقال
جلال الدولة : أنا
ابن بهاء الدولة ، وقد فعل بي أكثر من هذا ; ثم أخذ من
البسامي ألف دينار وأطلقه ، واختفى الوزير .
[ ص: 753 ] ذكر
انهزام علاء الدولة بن كاكويه من عسكر nindex.php?page=showalam&ids=17075مسعود بن محمود بن سبكتكين قد ذكرنا انهزام
علاء الدولة أبي جعفر من
الري ومسيره عنها ، فلما وصل إلى
قلعة فردجان أقام بها لتندمل جراحه ، ومعه
فرهاذ بن مرداويج ، كان قد جاءه مددا له ، وتوجهوا منها إلى
بروجرد فسير تاش فراش مقدم عسكر
خراسان جيشا إلى
علاء الدولة ، واستعمل عليهم
علي بن عمران ، فسار يقص أثر
علاء الدولة فلما قارب
بروجرد صعد
فرهاذ إلى قلعة سليموه ، ومضى
أبو جعفر إلى
سابور خواست ، ونزل عند
الأكراد الجوزقان .
وملك عسكر
خراسان بروجرد ، وراسل
فرهاذ الأكراد الذين مع
علي بن عمران ، واستمالهم ، فصاروا معه ، وأرادوا أن يفتكوا
بعلي ، وبلغه الخبر ، فركب ليلا في خاصته وسار نحو
همذان ، ونزل في الطريق بقرية تعرف (
بكسب ، وهي منيعة ) ، فاستراح فيها ، فلحقه
فرهاذ وعسكره
والأكراد الذين صاروا معه ، وحصروه في القرية ، فاستسلم وأيقن بالهلاك ، فأرسل الله تعالى ذلك اليوم مطرا وثلجا ، فلم يمكنهم المقام عليه لأنهم كانوا جريدة بغير خيام ولا آلة شتاء ، فرحلوا عنه ، وراسل
علي بن عمران الأمير
تاش فراش يستنجده ويطلب العسكر إلى
همذان .
ثم اجتمع
فرهاذ وعلاء الدولة ببروجرد ، واتفقا على قصد
همذان ، وسير
علاء الدولة إلى
أصبهان وبها ابن أخيه ، يطلبه ، وأمره بإحضار السلاح والمال ، ففعل وسار . فبلغ خبره
علي بن عمران ، فسار إليه من
همذان جريدة ، فكبسه
بجرباذقان ، وأسره وأسر كثيرا من عسكره ، وقتل منهم ، وغنم ما معه من سلاح ومال وغير ذلك .
ولما سار
علي عن
همذان دخلها
علاء الدولة ، وملكها ظنا منه أن
عليا سار منهزما ، وسار
علاء الدولة من
همذان إلى
كرج ، فأتاه خبر ابن أخيه ففت في عضده .
[ ص: 754 ] وكان
علي بن عمران قد سار بعد الوقعة إلى
أصبهان طامعا في الاستيلاء عليها ، وعلى مال
علاء الدولة وأهله ، فتعذر عليه ذلك ، ومنعه أهلها والعسكر الذي فيها ، فعاد عنها ، فلقيه
علاء الدولة وفرهاذ ، فاقتتلوا ، فانهزم منهما ، وأخذا ما معه من الأسرى ، إلا
أبا منصور ابن أخي
علاء الدولة فإنه كان قد سيره إلى
تاش فراش ، وسار
علي من المعركة منهزما نحو
تاش فراش ، فلقيه
بكرج فعاتبه على تأخره عنه ، واتفقا على المسير إلى
علاء الدولة وفرهاذ ، وكان قد نزل بجبل عند
بروجرد متحصنا فيه ، فافترق
تاش وعلي ( وقصداه من ) جهتين : إحداهما من خلفه ، والأخرى من الطريق المستقيم ، فلم يشعر إلا وقد خالطه العسكر فانهزم
علاء الدولة وفرهاذ ، وقتل كثير من رجالهما . فمضى
علاء الدولة إلى
أصبهان ، وصعد
فرهاذ إلى
قلعة سليموه فتحصن بها .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة
توفي قدر خان ملك الترك بما وراء النهر .
وفيها ورد
nindex.php?page=showalam&ids=15341أحمد بن محمد المنكدري الفقيه الشافعي رسولا من
مسعود بن سبكتكين إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله معزيا له
بالقادر بالله .
وفيها
نقل تابوت nindex.php?page=showalam&ids=14934القادر بالله إلى المقبرة بالرصافة ، وشهده الخلق العظيم ، وحجاج
خراسان ، وكان يوما مشهودا .
وفيها كان بالبلاد غلاء شديد ، واستسقى الناس فلم يسقوا ، وتبعه وباء عظيم ، وكان عاما في جميع البلاد
بالعراق ،
والموصل ،
والشام ،
وبلد الجبل ،
وخراسان ،
وغزنة ،
والهند ، وغير ذلك ، وكثر الموت ، فدفن في
أصبهان ، في عدة أيام ، أربعون ألف ميت وكثر الجدري في الناس فأحصي
بالموصل أنه مات به أربعة آلاف صبي ، ولم تخل دار من مصيبة لعموم المصائب ، وكثرة الموت ، وممن جدر
nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله وسلم .
[ ص: 755 ] وفيها جمع نائب
nindex.php?page=showalam&ids=17201نصر الدولة بن مروان بالجزيرة جمعا ينيف على عشرة آلاف رجل ، وغزا من يقاربه من
الأرمن ، وأوقع بهم ، وأثخن فيهم ، وغنم وسبى كثيرا ، وعاد ظافرا منصورا .
وفيها كان بين
أهل تونس من
إفريقية خلف ، فسار
nindex.php?page=showalam&ids=12968المعز بن باديس إليهم بنفسه ، فأصلح بينهم ، وسكن الفتنة وعاد .
وفيها اجتمع ناس كثير من
الشيعة بإفريقية ، وساروا إلى أعمال
نفطة ، فاستولوا على بلد منها وسكنوه فجرد إليهم
المعز عسكرا ، فدخلوا البلاد وحاربوا
الشيعة وقتلوهم أجمعين .
( وفيها خرجت العرب على حاج
البصرة ونهبوهم ، وحج الناس من سائر البلاد إلا من
العراق ) .
[ الوفيات ]
وفيها
توفي nindex.php?page=showalam&ids=13173أبو الحسن بن رضوان المصري ، النحوي ، في رجب .
وفيها قتل الملك
nindex.php?page=showalam&ids=12136أبو كاليجار صندلا الخصي ، وكان قد استولى على المملكة ، وليس
nindex.php?page=showalam&ids=12136لأبي كاليجار معه غير الاسم .
وفيها توفي
علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم أبو الحسن النعيمي البصري ، حدث عن جماعة ، وكان حافظا ، شاعرا ، فقيها على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .