ذكر
الفتنة بنيسابور لما اشتد أمر
الأتراك بخراسان ، على ما نذكره ، تجمع كثير من المفسدين وأهل العيث والشر ، وكان أول من أثار الشر
أهل أبيورد وطوس ، واجتمع معهم خلق كثير ، وساروا إلى
نيسابور لينهبوها ، وكان الوالي عليها قد سار عنها إلى الملك
مسعود فخافهم خوفا عظيما ، وأيقنوا بالهلاك .
فبينما هم يترقبون البوار والاستئصال ، وذهاب الأنفس والأموال ، إذ وصل إليهم أمير
كرمان في ثلاثمائة فارس ، قدم متوجها إلى
مسعود أيضا ، فاستغاث به المسلمون ، وسألوه أن يقيم عندهم ليكف عنهم الأذى ، فأقام عليهم ، وقاتل معهم ، وعظم الأمر ، واشتدت الحرب ، وكان الظفر له
ولأهل نيسابور ، فانهزم
أهل طوس وأبيورد ومن تبعهم ، وأخذتهم السيوف من كل جانب ، وعمل بهم أمير
كرمان أعمالا عظيمة ، وأثخن فيهم ، وأسر كثيرا منهم ، وصلبهم على الأشجار في الطرق ، فقيل إنه عدم من
أهل طوس عشرون ألف رجل .
ثم إن أمير
كرمان أحضر زعماء قرى
طوس ، وأخذ أولادهم وإخوانهم وغيرهم من أهليهم رهائن ، فأودعهم السجون ، وقال : إن اعترض منكم واحد إلى
أهل نيسابور أو غيرهم ، أو قطع طريقا ، فأولادكم وإخوانكم ورهائنكم مأخوذون بجناياتكم . فسكن الناس ، وفرج الله عن
أهل نيسابور بما لم يكن في حسابهم .