ذكر
ما جرى بعمان بعد موت أبي القاسم بن مكرم
لما توفي
أبو القاسم بن مكرم خلف أربعة بنين :
أبو الجيش ،
والمهذب ،
وأبو محمد ، وآخر صغير ، فولي بعده ابنه
أبو الجيش ، وأقر
علي بن هطال المنوجاني ، صاحبجيش أبيه ، على قاعدته ، وأكرمه وبالغ في احترامه ، فكان إذا جاء إليه قام له ، فأنكر هذه الحال عليه أخوه
المهذب ، فطعن على
ابن هطال ، وبلغه ذلك فأضمر له سوءا ، واستأذن
أبا الجيش في أن يحضر أخاه
المهذب لدعوة عملها له ، فأذن له في ذلك ، فلما حضر
المهذب عنده خدمه وبالغ في خدمته ، فلما أكل وشرب وانتشى وعمل السكر فيه قال له
ابن هطال : إن أخاك
أبا الجيش فيه ضعف وعجز عن الأمر ، والرأي أننا نقوم معك ، وتصير أنت الأمير ، وخدعه ، فمال إلى هذا الحديث ، فأخذ
ابن هطال خطه بما فوض إليه ، وبما يعطيه من الأعمال إذا عمل معه هذا الأمر . فلما كان الغد حضر
ابن هطال عند
أبي الجيش ، وقال له : إن أخاك كان قد أفسد كثيرا من أصحابك عليك تحدث معي ، واستمالني فلم أوافقه ، فلهذا كان يذمني ، ويقع في ، وهذا خطه بما استقر هذه الليلة . فلما رأى خط أخيه أمره بالقبض عليه ، ففعل ذلك واعتقله ، ثم وضع عليه من خنقه وألقى جثته إلى منخفض من الأرض ، وأظهر أنه سقط فمات .
ثم توفي
أبو الجيش بعد ذلك بيسير ، وأراد
ابن هطال أن يأخذ أخاه
أبا محمد فيوليه
عمان ثم يقتله ، فلم تخرجه إليه والدته ، وقالت له : أنت تتولى الأمور ، هذا صغير لا يصلح لها . ففعل ذلك ، وأساء السيرة ، وصادر التجار ، وأخذ الأموال .
[ ص: 795 ] وبلغ ما كان منه مع
بني مكرم إلى الملك
nindex.php?page=showalam&ids=12136أبي كاليجار ،
والعادل أبي منصور بن مافنة ، فأعظما الأمر واستكبراه ، وشد
العادل في الأمر ، وكاتب نائبا كان
لأبي القاسم بن مكرم بجبال
عمان يقال له
المرتضى ، وأمره بقصد
ابن هطال ، وجهز العساكر من
البصرة لتسير إلى مساعدة
المرتضى ، فجمع
المرتضى الخلق ، وتسارعوا إليه ، وخرجوا عن طاعة
ابن هطال ، وضعف أمره ، واستولى
المرتضى على أكثر البلاد ، ثم وضعوا خادما كان
لابن مكرم ، وقد التحق
بابن هطال على قتله ، وساعده على ذلك فراش كان له ، فلما سمع
العادل بقتله سير إلى
عمان من أخرج
أبا محمد بن مكرم ، ورتبه في الإمارة ، وكان قد استقر أن الأمر
لأبي محمد في هذه السنة .