صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة وقعت الفتنة بين الفقهاء الشافعية والحنابلة ببغداذ ، ومقدم الحنابلة أبو يعلى بن الفراء ، وابن التميمي ، وتبعهم من العامة الجم الغفير ، وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ومنعوا من الترجيع في الأذان ، والقنوت في الفجر ، ووصلوا إلى ديوان الخليفة ، ولم ينفصل حال ، وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير ، فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة ، فأخرج مصحفا وقال : أزيلوها من المصحف حتى لا أتلوها .

[ ص: 130 ] وفيها كان بمكة غلاء شديد ، وبلغ الخبز عشرة أرطال بدينار مغربي ، ثم تعذر وجوده ، فأشرف الناس والحجاج على الهلاك ، فأرسل الله تعالى عليهم من الجراد ما ملأ الأرض ، فتعوض الناس به ، ثم عاد الحاج فسهل الأمر على أهل مكة ، وكان سبب هذا الغلاء عدم زيادة النيل بمصر عن العادة ، فلم يحمل منها الطعام إلى مكة .

وفيها ظهر باليمن إنسان يعرف بأبي كامل علي بن محمد الصليحي ، واستولى على اليمن ، وكان معلما ، فجمع إلى نفسه جمعا ، وانتمى إلى صاحب مصر ، وتظاهر بطاعته ، فكثر جمعه وتبعه ، واستولى على البلاد ، وقوي على ابن سادل وابن الكريدي المقيمين بها على طاعة القائم بأمر الله ، وكان يتظاهر بمذهب الباطنية .

وفيها خطب محمود الخفاجي للمستنصر العلوي ، صاحب مصر ، بشفاثا والعين ، وصار في طاعته .

[ الوفيات ]

وفيها في شوال توفي قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن ماكولا ، ومولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة ، وبقي في القضاء سبعا وعشرين سنة ، وكان شافعيا ، ورعا ، نزها ، أمينا ، وولي بعده أبو عبد الله محمد بن علي بن الدامغاني الحنفي .

وفيها في ذي القعدة توفي ذخيرة الدين أبو العباس محمد ابن أمير المؤمنين ، ومولده في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة .

[ ص: 131 ] وفيها قبض الملك الرحيم ( قبل وصول طغرلبك إلى بغداذ ) على الوزير أبي عبد الله عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحيم ، وطرح في بئر في دار المملكة ، وطم عليه ، وكان وزيرا متحكما في دولته .

وفيها في المحرم توفي القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي ، ومولده بالبصرة سنة خمس وستين وثلاثمائة ، وخلف ولدا صغيرا ، وهو أبو الحسن محمد بن علي ، ثم توفي في شوال سنة أربع وتسعين وأربعمائة ، وانقرض بيته بموته .

قال القاضي أبو عبد الله بن الدامغاني : دخلت على أبي القاسم قبل موته بقليل ، فأخرج إلي ولده هذا من جاريته وبكى ، فقلت : يعيش إن شاء الله وتربيه . فقال : هيهات ! والله ما يتربى إلا يتيما ، وأنشد :

أرى ولد الفتى كلا عليه لقد سعد الذي أمسى عقيما     فإما أن تربيه عدوا
وإما أن تخلفه يتيما



فتربى يتيما كما قال .

[ ص: 132 ] وفي جمادى الأولى توفي ( أبو محمد الحسن بن رجاء الدهان اللغوي .

وفي جمادى الآخرة فيها توفي ) أبو القاسم منصور بن عمر بن علي الكرخي ( من كرخ جدان ) ، الفقيه الشافعي .

( وفي رجب توفي أبو نصر أحمد بن عبد الله الثابتي ، الفقيه الشافعي ) ، وهما من شيوخ أصحاب أبي حامد الإسفراييني .

وفي شعبان توفي أبو البركات حسين بن علي بن عيسى الربعي النحوي ، وكان ينوب عن الوزراء ببغداذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية