[ ص: 295 ] ذكر
قتل شرف الدولة وملك أخيه إبراهيم .
قد تقدم ذكر ملك
nindex.php?page=showalam&ids=16152سليمان بن قتلمش مدينة
أنطاكية ، فلما ملكها أرسل إليه
شرف الدولة مسلم بن قريش ; يطلب منه ما كان يحمله إليه
الفردوس من المال ، ويخوفه معصية
السلطان ، فأجابه :
أما طاعة
السلطان ، فهي شعاري ، ودثاري والخطبة له ، والسكة في بلادي ، وقد كاتبته بما فتح الله على يدي بسعادته من هذا البلد ، وأعمال الكفار .
وأما المال الذي كان يحمله صاحب
أنطاكية قبلي ، فهو كان كافرا ، وكان يحمل جزية رأسه وأصحابه ، وأنا بحمد الله مؤمن ، ولا أحمل شيئا ، فنهب
شرف الدولة بلد
أنطاكية ، فنهب
سليمان أيضا بلد
حلب ، فلقيه أهل السواد يشكون إليه نهب عسكره ، فقال :
أنا كنت أشد كراهية لما يجري ، ولكن صاحبكم أحوجني إلى ما فعلت ولم تجر عادتي بنهب مال مسلم ، ولا أخذ ما حرمته الشريعة . وأمر أصحابه بإعادة ما أخذوه منهم فأعاده .
ثم إن
شرف الدولة جمع الجموع من العرب
والتركمان وكان ممن معه جبق أمير
التركمان في أصحابه ، وسار إلى
أنطاكية ليحصرها . فلما سمع
سليمان الخبر جمع عساكره وسار إليه ، فالتقيا في الرابع والعشرين من صفر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة في طرف من أعمال
أنطاكية ، واقتتلوا ، فمال
تركمان جبق إلى
سليمان ، فانهزمت العرب وتبعهم
شرف الدولة منهزما ، فقتل بعد أن صبر ، وقتل بين يديه أربعمائة غلام من أحداث
حلب ، وكان قتله يوم الجمعة الرابع والعشرين من صفر سنة ثمان وسبعين [ وأربعمائة ] وذكرته هاهنا لتتبع الحادثة بعضها بعضا .
وكان أحول ، وكان قد ملك من
السندية التي على
نهر عيسى إلى
منبج من
[ ص: 296 ] الشام ، وما والاها من البلاد ، وكان في يده
ديار ربيعة ومضر من
أرض الجزيرة والموصل وحلب ، وما كان لأبيه وعمه قرواش ، وكان عادلا ، حسن السيرة ، والأمن في بلاده عام ، والرخص شامل ، وكان يسوس بلاده سياسة عظيمة بحيث يسير الراكب والراكبان فلا يخافان شيئا . وكان له في كل بلد وقرية عامل ، وقاض ، وصاحب خبر ، بحيث لا يتعدى أحد على أحد .
ولما قتل قصد
بنو عقيل أخاه
إبراهيم بن قريش ، وهو محبوس ، فأخرجوه وملكوه أمرهم ، وكان قد مكث في الحبس سنين كثيرة بحيث إنه لم يمكنه المشي والحركة لما أخرج ، ولما قتل
شرف الدولة سار
nindex.php?page=showalam&ids=16152سليمان بن قتلمش إلى
حلب فحصرها مستهل ربيع الأول سنة ثمان وسبعين [ وأربعمائة ] ، فأقام عليها إلى خامس ربيع الآخر من السنة ، فلم يبلغ منها غرضا ، فرحل عنها .