ذكر
ابتداء دولة محمد بن خوارزمشاه
في هذه السنة أمر
بركيارق الأمير حبشي بن ألتونتاق على
خراسان ، كما ذكرناه ، فلما صفت له ، وقتل
قودن ، كما ذكرنا قبل ، ولي
خوارزم الأمير
محمد بن أنوشتكين ، وكان أبوه
أنوشتكين مملوك أمير من
السلجوقية ، اسمه
بلكباك ، قد اشتراه من رجل
[ ص: 411 ] من
غرشستان فقيل له
أنوشتكين غرشحه ، فكبر ، وعلا أمره ، وكان حسن الطريقة ، كامل الأوصاف ، وكان مقدما ، ومرجوعا إليه ، وولد له ولد سماه
محمدا ، وهو هذا ، وعلمه ، وخرجه ، وأحسن تأديبه ، وتقدم بنفسه ، وبالعناية الأزلية .
فلما ولي
أمير داذ حبشي خراسان كان
خوارزمشاه إكنجي قد قتل ، وقد تقدم ذكره ، ونظر
الأمير حبشي فيمن يوليه
خوارزم ، فوقع اختياره على
محمد بن أنوشتكين ، فولاه
خوارزم ، ولقبه
خوارزمشاه ، فقصر أوقاته على معدلة ينشرها ، ومكرمة يفعلها ، وقرب أهل العلم والدين ، فازداد ذكره حسنا ، ومحله علوا .
ولما ملك السلطان
سنجر خراسان أقر
محمدا خوارزمشاه على
خوارزم وأعمالها ، فظهرت كفايته وشهامته ، فعظم
سنجر محله وقدره .
ثم إن بعض ملوك
الأتراك جمع جموعا ، وقصد
خوارزم ،
ومحمد غائب عنها ، وكان
طغرلتكين بن إكنجي ، الذي كان أبوه
خوارزمشاه ، قبل عند السلطان
سنجر ، فهرب منه ، والتحق
بالأتراك فلما سمع
خوارزمشاه محمد الخبر بادر إلى
خوارزم ، وأرسل إلى
سنجر يستمده ، وكان
بنيسابور ، فسار في العساكر إليه ، فلم ينتظره
محمد ، فلما قارب
خوارزم هرب
الأتراك إلى
منقشلاغ ،
وطغرلتكين أيضا رحل إلى
حندخان ، وكفي
خوارزمشاه شرهم .
ولما توفي
خوارزمشاه ولي بعده ابنه
إتسز ، فمد ظلال الأمن ، وأفاض العدل ، وكان قد قاد الجيوش أيام أبيه ، وقصد بلاد الأعداء ، وباشر الحروب ، فملك مدينة
منقشلاغ .
ولما ولي بعد أبيه قربه السلطان
سنجر ، وعظمه ، واعتضد به ، واستصحبه معه في أسفاره وحروبه ، فظهرت منه الكفاية والشهامة ، فزاده تقدما وعلوا ، وهو ابتداء ملك بيت
خوارزمشاه تكش ، وابنه
محمد الذي ظهرت التتر عليه ، على ما نذكره ( إن شاء الله تعالى ) .