ذكر
أول عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه على الأنصار وإسلامهم
فقدم
سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف بطن من
الأوس مكة حاجا ومعتمرا ، وكان يسمى الكامل لجلده وشعره ونسبه ، وهو القائل :
ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى مقالته بالغيب ساءك ما يفري مقالته كالشحم ما كان شاهدا
وبالغيب مأثور على ثغرة النحر يسرك باديه وتحت أديمه
نميمة غش تبتري عقب الظهر تبين لك العينان ما هو كاتم
وما جن بالبغضاء والنظر الشزر فرشني بخير طالما قد بريتني
فخير الموالي من يريش ولا يبري
فتصدى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاه إلى الإسلام ، وقرأ عليه القرآن ، فلم يبعد منه وقال : إن هذا القول حسن . ثم انصرف وقدم
المدينة ، فلم يلبث أن قتله
الخزرج ، قتل يوم
بعاث ، فكان قومه يقولون : قتل وهو مسلم .
(
بعاث بالباء الموحدة المضمومة ، والعين المهملة ، وهو الصحيح )
وقدم
أبو الحيسر أنس بن رافع مكة مع فتية من
بني عبد الأشهل ، فيهم
إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من
قريش على قومهم من
الخزرج ، فأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال
[ ص: 689 ] لهم : هل لكم فيما هو خير لكم مما جئتم له ؟ ودعاهم إلى الإسلام ، وقرأ عليهم القرآن ، فقال
إياس ، وكان غلاما حدثا : هذا والله خير مما جئنا له . فضرب وجهه
أبو الحيسر بحفنة من
البطحاء وقال : دعنا منك فلقد جئنا لغير هذا فسكت
إياس ، وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يلبث
إياس أن هلك ، فسمعه قومه يهلل الله ويكبره حتى مات ، فما يشكون أنه مات مسلما .