ذكر
حال السلطان بركيارق بعد الهزيمة وانهزامه من أخيه سنجر أيضا وقتل
أمير داذ حبشي
لما انهزم السلطان
بركيارق من أخيه
السلطان محمد سار قليلا ، وهو في خمسين فارسا ، ونزل عتمة ، واستراح ، وقصد
الري ، وأرسل إلى من كان يعلم أنه يريده ، ويؤثر دولته ، فاستدعاه ، فاجتمع معه جمع صالح ، فسار إلى
إسفرايين ، وكاتب
أمير داذ حبشي بن ألتونتاق ، وهو
بدامغان ، يستدعيه ، فأجابه يشير عليه بالمقام
بنيسابور حتى يأتيه ، وكان بيده حينئذ أكثر
خراسان وطبرستان وجرجان ، فلما وصل
بركيارق إلى
[ ص: 436 ] نيسابور قبض على رؤسائها ، وخرج بهم ، وأطلقهم بعد ذلك ، وتمسك بعميد
خراسان أبي
محمد ،
وأبي القاسم بن أبي المعالي الجويني . فأما
أبو القاسم فمات مسموما في قبضه ، وقد تقدم أنه قتل سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة .
وعاد
بركيارق فاستدعى أمير داذ فاعتذر بقصد السلطان
سنجر بلاده في عساكر
بلخ ، ويسأل السلطان
بركيارق أن يصل إليه على الملك
سنجر ، فسار إليه في ألف فارس ، فلم يعلم بقدومه إلا الأمراء الكبار من أصحاب
سنجر ولم يعلموا الأصاغر لئلا ينهزموا .
وكان مع
أمير داذ عشرون ألف فارس ، فيهم من رجالة
الباطنية خمسة آلاف ، ووقع المصاف بين
بركيارق وأخيه
سنجر خارج النوشجان ، وكان
الأمير بزغش في ميمنة
سنجر ،
والأمير كندكز في ميسرته ،
والأمير رستم في القلب ، واشتغل العسكر بالنهب ، فحمل عليهم
بزغش وكندكز ، فقتلا المنهزمين ، وانهزم الرجالة إلى مضيق بين جبلين ، فأرسل عليهم الماء فأهلكهم ، ووقعت الهزيمة على أصحاب
بركيارق ، وكان قد أخذ والدة أخيه
سنجر لما انهزم أصحابه أولا ، فخافت أن يقتلها بأمه ، فأحضرها وطيب قلبها ، وقال : إنما أخذتك حتى يطلق أخي
سنجر من عنده من الأسرى ، ولست كفؤا لوالدتي حتى أقتلك . فلما أطلق
سنجر الأسرى أطلقها
بركيارق .
وهرب
أمير داذ إلى بعض القرى ، وأخذ بعض التركمان ، فأعطاه في نفسه مائة ألف دينار ، فلم يطلقه ، وحمله إلى
بزغش فقتله .
وسار
بركيارق إلى
جرجان ثم إلى
دامغان ، وسار في البرية ، ورؤي في بعض المواضع ومعه سبعة عشر فارسا ، وجمازة واحدة ، ثم كثر جمعه ، وصار معه ثلاثة آلف فارس ، منهم : جاولي سقاووا ، وغيره ، وسار إلى
أصبهان بمكاتبة من أهلها ، فسمع
السلطان محمد ، فسبقه إليها ، فعاد إلى
سميرم .