ذكر
ما فعله السلطان بركيارق ودخوله بغداذ
لما كان السلطان
بركيارق بالري ، بعد انهزام أخيه
محمد ، اجتمعت عليه العساكر الكثيرة ، فصار معه نحو مائة ألف فارس ، ثم إنهم ضاقت عليهم الميرة فتفرقت العساكر ، فعاد
nindex.php?page=showalam&ids=15862دبيس بن صدقة إلى أبيه ، وخرج
الملك مودود بن إسماعيل بن ياقوتي بأذربيجان ، فسير إليه
قوام الدولة كربوقا في عشرة آلاف فارس ، واستأذن
الأمير إياز في أن يقصد داره
بهمذان يصوم بها شهر رمضان ، ويعود بعد الفطر ، فأذن له ، وتفرقت العساكر لمثل ذلك ، وبقي في العدد القليل .
فلما بلغه أن أخويه قد جمعا الجموع ، وحشدا الجنود ، وأنهما لما بلغهما قلة من معه جدا في السير إليه ، وطويا المنازل ليعاجلاه ، قبل أن يجمع جموعه وعساكره ، فلما قارباه سار من مكانه ، وقد طمع فيه من كان يهابه ، وأيس منه من كان يرجوه ، فقصد نحو
همذان ليجتمع هو
وإياز ، فبلغه أن
إياز قد راسل
السلطان محمدا ليكون
[ ص: 444 ] معه ومن جملة أعوانه ، خوفا على ولايته ، وهي
همذان وغيرها ، فلما سمع عنها ، وقصد
خوزستان ، فلما قرب من
تستر كاتب الأمراء
بني برسق يستدعيهم إليه ، فلم يحضروا لما علموا أن
إياز لم يحضر ، وللخوف من
السلطان محمد فسار نحو
العراق ، فلما بلغ
حلوان أتاه رسول
الأمير إياز يسأل التوقف ليصل إليه .
وسبب ذلك أن
إياز راسل
السلطان محمدا في الانضمام إليه والمصير في جملة عسكره ، فلم يقبله ، وسير العساكر إلى
همذان ، ففارقها منهزما ، ولحق بالسلطان
بركيارق ، فأقام السلطان
بركيارق بحلوان ، ووصل إليه
إياز ، وساروا جميعهم إلى
بغداذ .
وأخذ عسكر
محمد ما تخلف
للأمير إياز بهمذان من مال ودواب ، وبرك ، وغير ذلك فإنه أعجل عنه ، وكان من جملته خمسمائة حصان عربية ، قيل كان يساوي كل حصان منها ما بين ثلاثمائة دينار إلى خمسمائة دينار ، ونهبوا داره ، وصادروا جماعة من أصحابه ، وصودر رئيس
همذان بمائة ألف دينار .
ولما وصل
إياز إلى
بركيارق تكاملت عدتهم خمسة آلاف فارس ، وقد ذهبت خيامهم وثقلهم ووصل
بركيارق إلى
بغداذ سابع عشر ذي القعدة ، وأرسل الخليفة إلى طريقه يلتقيه
أمين الدولة بن موصلايا في الموكب ، ولما كان عيد الأضحى نفذ الخليفة منبرا إلى دار السلطان ، وخطب عليه الشريف
أبو الكرم ، وصلى صلاة العيد ، ولم يحضر
بركيارق لأنه كان مريضا .
وضاقت الأموال على
بركيارق ، فلم يكن عنده ما يخرجه على نفسه وعلى عساكره ، فأرسل إلى الخليفة يشكو الضائقة وقلة المال ، ويطلب أن يعان بما يخرجه ، فتقرر الأمر بعد المراجعات على خمسين ألف دينار ، حملها الخليفة إليه ، ومد
بركيارق وأصحابه أيديهم إلى أموال الناس ، فعم ضررهم ، وتمنى أهل البلاد زوالهم عنهم ، ودعتهم الضرورة إلى أن ارتكبوا خطة شنعاء ، وذلك أنه قدم عليهم
أبو محمد عبيد الله بن [ ص: 445 ] منصور ، المعروف بابن صليحة ، قاضي جبلة من بلاد
الشام وصاحبها ، منهزما من
الفرنج ، على ما نذكره ، ومعه أموال جليلة المقدار ، فأخذوها منه .