ذكر
قتل الباطنية
في هذه السنة ، في شعبان ، أمر السلطان
بركيارق بقتل
الباطنية ، وهم
الإسماعلية وهم الذين كانوا قديما يسمون
قرامطة ، ونحن نبتدئ بأول أمرهم الآن ثم بسبب قتلهم .
[ ص: 449 ] فأول ما عرف من أحوالهم ، أعني هذه الدعوة الأخيرة التي اشتهرت
بالباطنية ،
والإسماعلية ، في أيام
nindex.php?page=showalam&ids=17148السلطان ملكشاه ، فإنه اجتمع منهم ثمانية عشر رجلا ، فصلوا صلاة العيد في ساوة ، ففطن بهم الشحنة ، فأخذهم وحبسهم ، ثم سئل فيهم فأطلقهم ، فهذا أول اجتماع كان لهم .
ثم إنهم دعوا مؤذنا من
أهل ساوة كان مقيما
بأصبهان ، فلم يجبهم إلى دعوتهم فخافوه أن ينم عليهم ، فقتلوه ، فهو أول قتيل لهم ، وأول دم أراقوه ، فبلغ خبره إلى
نظام الملك ، فأمر بأخذ من يتهم بقتله ، فوقعت التهمة على نجار اسمه
طاهر ، فقتل ، ومثل به ، وجروا برجله في الأسواق ، فهو أول قتيل منهم ، وكان والده واعظا ، وقدم إلى
بغداذ مع السلطان
بركيارق سنة ست وثمانين [ وأربعمائة ] فحظي منه ، ثم قصد
البصرة فولي القضاء بها ، ثم توجه في رسالة إلى
كرمان ، فقتله العامة في الفتنة التي جرت ، وذكروا أنه باطني .
ثم إن
الباطنية قتلوا
نظام الملك ، وهي أول فتكة مشهورة كانت لهم وقالوا : قتل نجارا فقتلناه به .
وأول موضع غلبوا وتحصنوا به بلد عند
قاين ، كان متقدمه على مذهبهم ، فاجتمعوا عنده ، وقووا به ، فاجتازت بهم قافلة عظيمة من
كرمان إلى
قاين ، فخرج عليهم ومعه أصحابه
والباطنية ، فقتل أهل القفل أجمعين ، ولم ينج منهم غير رجل تركماني ، فوصل إلى
قاين فأخبر بالقصة ، فتسارع أهلها مع القاضي الكرماني إلى جهادهم ، فلم يقدروا عليهم .
ثم قتل
نظام الملك ، ومات
nindex.php?page=showalam&ids=17148السلطان ملكشاه ، فعظم أمرهم ، واشتدت شوكتهم ، وقويت أطماعهم .
[ ص: 450 ] وكان سبب قوتهم
بأصبهان ، أن السلطان
بركيارق لما حصر
أصبهان ، وبها أخوه
محمود ، وأمه
خاتون الجلالية ، وعاد عنهم ظهرت مقالة
الباطنية بها ، وانتشرت ، وكانوا متفرقين في المحال ، فاجتمعوا ، وصاروا يسرقون من قدروا عليه من مخالفيهم ويقتلونهم ، فعلوا هذا بخلق كثير ، وزاد الأمر ، حتى إن الإنسان كان إذا تأخر عن بيته عن الوقت المعتاد تيقنوا قتله ، وقعدوا للعزاء به ، فحذر الناس ، وصاروا لا ينفرد أحد ، وأخذوا في بعض الأيام مؤذنا ، أخذه جار له باطني ، فقام أهله للنياحة عليه ، فأصعده
الباطنية إلى سطح داره وأروه أهله كيف يلطمون ويبكون ، وهو لا يقدر أن يتكلم خوفا منهم .