ذكر
الحرب بين nindex.php?page=showalam&ids=15525السلطان بركيارق والسلطان محمد والصلح بينهما
في هذه السنة ، في صفر ، كان المصاف الثالث بين السلطانين
بركيارق ومحمد .
قد ذكرنا سنة أربع وتسعين وأربعمائة قدوم
السلطان محمد إلى
بغداذ ، ورحيل
[ ص: 462 ] nindex.php?page=showalam&ids=15525السلطان بركيارق عنها إلى
واسط مريضا ، فأقام
السلطان محمد ببغداذ إلى سابع عشر من المحرم من هذه السنة ، وسار عنها هو وأخوه
السلطان سنجر عائدين إلى بلادهما ،
وسنجر يقصد
خراسان ،
والسلطان محمد يقصد
همذان . فلما سار
محمد عن
بغداذ وصلت الأخبار أن
بركيارق قد اعترض خاص الخليفة
بواسط وسمع منه في حق الخليفة ما يقبح نقله ، فأرسل الخليفة وأعاد
السلطان محمدا إلى
بغداذ ، وذكر له ما نقل إليه ، وعزم على الحركة مع
محمد إلى قتال
بركيارق ، فقال
السلطان محمد : لا حاجة إلى حركة أمير المؤمنين ، فإني أقوم في هذا القيام المرضي . وسار عائدا ، ورتب
ببغداذ أبا المعالي المفضل بن عبد الرزاق في جباية الأموال
وإيلغازي شحنة .
وكان لما دخل
بغداذ قد خلف عسكره بطريق
خراسان ، فنهبوا البلاد وخربوها ، فأخذهم
السلطان محمد معه ، وجد السير إلى
روذراور .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=15525السلطان بركيارق فقد تقدم سنة أربع وتسعين وأربعمائة أنه سار من
بغداذ عند وصول
محمد إليها قاصدا إلى
واسط ، فلما سمع عسكر
واسط بقربه منهم ، خافوا منه ، وأخذوا نساءهم ، وأولادهم ، وأموالهم ، وجمعوا السفن جميعها ، وانحدروا إلى
الزبيدية ، فأقاموا هناك .
ووصل السلطان ، وهو شديد المرض ، يحمل في محفة ، وقد هلك من دواب عسكره ومتاعهم الكثير ، فإنهم كانوا يجدون السير خوفا أن يتبعهم
السلطان محمد ، أو
الأمير صدقة ، صاحب
الحلة ، فكانوا كلما جازوا قنطرة هدموها ، ليمتنع من يجتاز بها من اتباعهم .
ولما وصلوا إلى
واسط عوفي
بركيارق ، ولم يكن له ولأصحابه همة غير العبور من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، فلم يجد هناك سفينة ، وكان الزمان شاتيا ، شديد البرد ، والماء زائدا ، وكان أهل البلد قد خافوهم ، فلزموا الجامع وبيوتهم ، فخلت الطرق والأسواق من مجتاز فيها ، فخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12097القاضي أبو علي الفارقي إلى العسكر ،
[ ص: 463 ] واجتمع
بالأمير إياز ، والوزير ، واستعطفهما للخلق ، وطلب إنفاذ شحنة لتطمئن القلوب ، فأجابوه إلى ملتمسه ، وقالوا له : نريد أن تجمع لنا من يعبر دوابنا في الماء ، ونسبح معها ، فجمع لهم من شباب
واسط ، وأعطاهم الأجرة الوافرة ، فعبروا دوابهم من الخيل والبغال والجمال ، وكان
الأمير إياز بنفسه يسوق الدواب ، ويفعل ما يفعله الغلمان ، ولم يكن معهم غير سفينة واحدة انحدرت مع السلطان من
بغداذ ، فعبروا أموالهم ورحالهم فيها . فلما صاروا في الجانب الشرقي اطمأنوا ، ونهب العسكر البلد ، فرجع القاضي وجدد الخطاب في الكف عنهم ، فأجيب إلى ذلك ، فأرسل معه من يمنع من النهب .
ثم إن عسكر
واسط أرسلوا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15525السلطان بركيارق يطلبون الأمان ليحضروا الخدمة فأمنهم ، فحضر أكثرهم عنده ، وساروا معه إلى بلاد
بني برسق ، فحضروا أيضا عنده وخدموه ، واجتمعت العساكر عليه .
وبلغه مسير أخيه
محمد عن
بغداذ ، فسار يتبعه على
نهاوند ، فأدركه
بروذراور ، وكان العسكران متقاربين في العدة ، كل واحد منهما أربعة آلاف فارس من
الأتراك ، فتصافوا ، أول يوم جميع النهار ، ولم يجر بينهم قتال لشدة البرد ، وعادوا في اليوم الثاني ، ثم تواقفوا كذلك ، ثم كان الرجل يخرج من أحد الصفين فيخرج إليه من يقاتله ، فإذا تقاربا اعتنق كل واحد منهما صاحبه ، وسلم عليه ، ويعود عنه .
ثم خرج
الأمير بلدجي وغيره من عسكر
محمد إلى
الأمير إياز والوزير الأعز ، فاجتمعوا ، واتفقوا على الصلح ، لما قد عم الناس من الضرر ، والملل ، والوهن ، فاستقرت القاعدة أن يكون
بركيارق السلطان ،
ومحمد الملك ، ويضرب له ثلاث نوب ، ويكون له من البلاد جنزة وأعمالها ،
وأذربيجان ،
وديار بكر ،
والجزيرة ،
والموصل ، وأن يمده
nindex.php?page=showalam&ids=15525السلطان بركيارق بالعساكر ، حتى يفتح ما يمتنع عليه منها ، وحلف كل واحد منهما لصاحبه ، وانصرف الفريقان من المصاف رابع ربيع الأول ، وسار
بركيارق إلى
مرج [ ص: 464 ] قراتكين قاصدا ساوة ،
والسلطان محمد إلى
أسداباذ ، وتفرق العسكران وقصد كل أمير أقطاعه .