[ ص: 475 ] ذكر
ما فعله الفرنج
في هذه السنة أطلق
الدانشمند بيمند الفرنجي ، صاحب
أنطاكية ، وكان قد أسره ، وقد تقدم ذكر ذلك ، وأخذ منه مائة ألف دينار ، وشرط عليه إطلاق ابنة
ياغي سيان الذي كان صاحب
أنطاكية ، وكانت في أسره .
ولما خلص بيمند من أسره عاد إلى
أنطاكية ، فقويت نفوس أهلها به ، ولم يستقر حتى أرسل إلى أهل العواصم
وقنسرين وما جاورها يطالبهم بالإتاوة ، فورد على المسلمين من ذلك ما طمس المعالم التي بناها
الدانشمند .
وفيها سار
صنجيل إلى
حصن الأكراد فحصره ، فجمع
جناح الدولة عسكره ليسير إليه ويكبسه ، فقتله باطني بالمسجد الجامع ، فقيل : إن
الملك رضوان ربيبه وضع عليه من قتله ، فلما قتل صبح
صنجيل حمص من الغد ، ونازلها ، وحصر أهلها ، وملك أعمالها .
ونزل
القمص على
عكة في جمادى الآخرة ، وضيق عليها ، وكاد يأخذها ، ونصب عليها المنجنيقات والأبراج ، وكان له في البحر ست عشرة قطعة ، فاجتمع المسلمون من سائر السواحل ، وأتوا إلى منجنيقاتهم ، وأبراجهم ، فأحرقوها ، وأحرقوا سفنهم أيضا ، وكان ذلك نصرا عجيبا أذل الله به الكفار .
وفيها صار
القمص الفرنجي ، صاحب
الرها إلى
بيروت من ساحل
الشام ، وحصرها وضايقها ، وأطال المقام عليها ، فلم ير فيها طمعا فرحل عنها .
وفيها ، في رجب ، خرجت عساكر
مصر إلى
عسقلان ليمنعوا
الفرنج عما بقي في أيديهم من البلاد الشامية ، فسمع بهم
بردويل ، صاحب
القدس ، فسار إليهم في سبعمائة فارس ، وقاتلهم ، فنصر الله المسلمين ، وانهزم
الفرنج ، وكثر القتل فيهم ، وانهزم
بردويل ، فاختفى في أجمة قصب ، فأحرقت تلك الأجمة ، ولحقت النار بعض جسده ، ونجا منها إلى
الرملة ، فتبعه المسلمون ، وأحاطوا به فتنكر ، وخرج منها إلى
يافا ، وكثر القتل والأسر في أصحابه .