ذكر
الحرب بين البرسقي ، وإيلغازي وأسر nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي
لما قبض
البرسقي على
إياز بن إيلغازي سار إلى
حصن كيفا ، وصاحبها الأمير
ركن الدولة داود ابن أخيه
سقمان ، فاستنجده ، فسار معه في عسكره وأحضر خلقا كثيرا من
التركمان ، وسارا إلى
البرسقي ، فلقيه ، أواخر السنة ، واقتتلوا قتالا شديدا صبروا فيه ، فانهزم
البرسقي وعسكره ، وخلص
إياز بن إيلغازي من الأسر ، فأرسل السلطان إليه يتهدده ، فخافه ، وسار إلى
الشام إلى حميه
nindex.php?page=showalam&ids=16252طغتكين ، صاحب
دمشق ، فأقام عنده أياما .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16252طغتكين أيضا قد استوحش من السلطان لأنه نسب إليه قتل
مودود ، فاتفقا على الامتناع ، والالتجاء إلى
الفرنج ، والاحتماء بهم ، فراسلا صاحب
أنطاكية ، وحالفاه ، فحضر عندهما على
بحيرة قدس ، عند
حمص ، وجددوا العهود ، وعاد إلى
أنطاكية ، وعاد
nindex.php?page=showalam&ids=16252طغتكين إلى
دمشق وسار
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي إلى
الرستن على عزم قصد
ديار بكر ، وجمع
التركمان والعود ، فنزل بالرستن ليستريح ، فقصده الأمير
قرجان بن قراجة صاحب
حمص ، وقد تفرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي أصحابه ، فظفر به
قرجان وأسره ومعه جماعة من خواصه ، وأرسل إلى السلطان يعرفه ذلك ، ويسأله تعجيل إنفاذ العساكر لئلا يغلبه
nindex.php?page=showalam&ids=16252طغتكين على
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي .
[ ص: 604 ] وسمع
أرسلانشاه الخبر ، فسير جيشا كثيفا ، فهزماه ، ونهباه وعاد من سلم إلى
غزنة على أسوأ حال فخضع حينئذ
أرسلانشاه ، وأرسل إلى الأمير
أنر يضمن له الأموال الكثيرة ليعود عنه ، ويحسن للملك
سنجر العودة عنه ، فلم يفعل .
وتجهز السلطان
سنجر ، بعد
أنر ، للمسير بنفسه ، فأرسل إليه
أرسلانشاه امرأة عمه
نصر تسأله الصفح والعود عن قصده ، وهي أخت الملك
سنجر من السلطان
بركيارق ، وكان
علاء الدولة أبو سعد قد قتل زوجها ، ومنعها من الخروج عن
غزنة وتزوجها ، فسيرها الآن
أرسلانشاه ، فلما وصلت إلى أخيه أوصلت ما معها من الأموال والهدايا ، وكان معها مائتا ألف دينار ، وغير ذلك ، وطلب من
سنجر أن يسلم أخاه
بهرام إليه .
وكانت موغرة الصدر من
أرسلانشاه ، فهونت أمره على
سنجر ، وأطمعته في البلاد ، وسهلت الأمر عليه ، وذكرت له ما فعل بإخوانه ، وكان قتل بعضا وكحل بعضا من غير خروج منهم عن الطاعة . فسار الملك
سنجر ، فلما وصل إلى
بست أرسل خادما من خواصه إلى
أرسلانشاه في رسالة ، فقبض عليه في بعض القلاع ، فسار حينئذ
سنجر مجدا ، فلما سمع منه أطلق الرسول ، ووصل
سنجر إلى
غزنة ، ووقع بينهما المصاف على فرسخ من
غزنة ، بصحراء
شهراباذ ، وكان
أرسلانشاه في ثلاثين ألف فارس ، وخلق كثير من الرجالة ، ومعه مائة وعشرون فيلا ، على كل فيل أربعة نفر ، فحملت الفيلة على القلب ، وفيه
سنجر ، فكان من فيه ينهزمون ، فقال
سنجر لغلمانه
الأتراك ليرموها بالنشاب ، فتقدم ثلاثة آلاف غلام ، فرموا الفيلة رشقا واحدا جميعا ، فقتلوا منها عدة ، فعدلت الفيلة عن القلب إلى الميسرة ، وبها
أبو الفضل صاحب
سجستان ، وجالت عليهم ، فضعف من في الميسرة ، فشجعهم
أبو الفضل ، وخوفهم من الهزيمة مع ديارهم ، وترجل عن فرسه بنفسه ، وقصد كبير الفيلة ، ومتقدمها ، ودخل تحتها فشق بطنها ، وقتل فيلين آخرين .
ورأى الأمير
أنر ، وهو في الميمنة ، ما في الميسرة من الحرب ، فخاف عليها ، فحمل من وراء عسكر
غزنة ، وقصد الميسرة واختلط بهم ، وأعانهم ، فكانت الهزيمة على الغزنوية ، وكان ركاب الفيلة قد شدوا أنفسهم عليها بالسلاسل ، فلما عضتهم الحرب ، وعمل فيهم السيف ، ألقوا أنفسهم ، فبقوا معلقين عليها .
[ ص: 605 ] ودخل السلطان
سنجر غزنة في العشرين من شوال سنة عشر وخمسمائة ومعه
بهرامشاه . فأما القلعة الكبيرة المشتملة على الأموال ، وبينها وبين البلد تسعة فراسخ ، وهي عظيمة ، فلا مطمع فيها ، ولا طريق عليها .
وكان
أرسلانشاه قد سجن فيها أخاه
طاهرا الخازن ، وهو صاحب
بهرامشاه ، واعتقل بها أيضا زوجة
بهرامشاه ، فلما انهزم
أرسلانشاه استمال أخوه
طاهر المستحفظ بها ، فبذل له وللأجناد الزيادات ، فسلموا القلعة إلى الملك
سنجر .
وأما قلعة البلد فإن
أرسلانشاه كان اعتقل بها رسول
سنجر ، فلما أطلقه بقي غلمانه بها ، فسلموا القلعة أيضا بغير قتال .
وكان قد تقرر بين
بهرامشاه وبين
سنجر أن يجلس
بهرام على سرير جده
nindex.php?page=showalam&ids=14503محمود بن سبكتكين وحده ، وأن تكون الخطبة
بغزنة للخليفة ، السلطان
محمد ، وللملك
سنجر ، وبعدهم
لبهرامشاه . فلما دخلوا
غزنة كان
سنجر راكبا ،
وبهرامشاه بين يديه راجلا ، حتى جاء السرير ، فصعد
بهرامشاه فجلس عليه ، ورجع
سنجر ، وكان يخطب له بالملك ،
ولبهرامشاه بالسلطان على عادة آبائه ، فكان من أعجب ما يسمع به .
وحصل لأصحاب
سنجر من الأموال ما لا يحد ولا يحصى من السلطان والرعايا ، وكان في دور لملوكها عدة دور على حيطانها ألواح الفضة ، وسواقي المياه إلى البساتين من الفضة أيضا ، فقلع من ذلك أكثره ، ونهب ، فلما سمع
سنجر ما يفعل منع عنه بجهده ، وصلب جماعة حتى كف الناس .
وفي جملة ما حصل للملك
سنجر خمسة تيجان قيمة أحدها تزيد على ألفي ألف دينار ، وألف وثلاثمائة قطعة مصاغة مرصعة ، وسبعة عشر سريرا من الذهب والفضة .
وأقام
بغزنة أربعين يوما ، حتى استقر
بهرامشاه ، وعاد نحو
خراسان ، لم يخطب
بغزنة لسلجوقي قبل هذا الوقت ، حتى إن السلطان
ملكشاه مع تمكنه وكثرة ملكه لم يطمع فيه ، وكان كلما رام ذلك منع منه نظام الملك .
وأما
أرسلانشاه فإنه لما انهزم قصد
هندوستان واجتمع عليه أصحابه ، فقويت
[ ص: 606 ] شوكته ، فلما عاد
سنجر إلى
خراسان توجه إلى
غزنة ، فلما عرف
بهرامشاه قصده إياه توجه إلى
باميان ، وأرسل إلى الملك
سنجر يعلمه الحال ، فأرسل إليه عسكرا . وأقام
أرسلانشاه بغزنة شهرا واحدا ، وسار يطلب أخاه
بهرامشاه ، فبلغه وصول عسكر
سنجر ، فانهزم بغير قتال للخوف الذي قد باشر قلوب أصحابه ، ولحق
بجبال أوغنان ، فسار أخوه
بهرامشاه وعسكر
سنجر في أثره ، وخربوا البلاد التي هو فيها ، وأرسلوا إلى أهلها يتهددونهم ، فسلموه بعد المضايقة ، فأخذه متقدم جيش الملك
سنجر ، وأراد حمله إلى صاحبه ، فخاف
بهرامشاه من ذلك ، فبذل له مالا ، فسلمه إليه ، فخنقه ودفنه بتربة أبيه
بغزنة ، وكان عمره سبعا وعشرين سنة ، وكان أحسن إخوانه صورة ، وكان قتله في جمادى الآخرة سنة عشرة وخمسمائة ، وإنما ذكرناه هاهنا لتتصل الحادثة .