[ ص: 637 ] 513
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ذكر
عصيان الملك طغرل على أخيه السلطان محمود
كان الملك
طغرل بن محمد لما توفي والده بقلعة
سرجهان ، وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة في المحرم ، وأقطعه والده ، سنة أربع ،
ساوة وآوة وزنجان ، وجعل أتابكه الأمير
شيركير الذي تقدم ذكره في حصار قلاع
الإسماعيلية ، فازداد ملك
طغرل بما فتحه
شيركير من قلاعهم ، فأرسل إليه السلطان
محمود الأمير
كنتغدي ليكون أتابكا له ، ومدبرا لأمره ، ويحمله إليه فلما وصل إليه حسن له مخالفة أخيه ، وترك المجيء إليه ، واتفقا على ذلك .
وسمع السلطان
محمود الخبر ، فأرسل
شرف الدين أنوشروان بن خالد ، ومعه خلع ، وتحف وثلاثون ألف دينار ، ووعده أخاه بإقطاع كثير ، زيادة على ما له ، إذا قصده ، واجتمع به ، فلم تقع الإجابة إلى الاجتماع ، وأجاب
كنتغدي بأننا في طاعة السلطان ، وأي جهة أراد قصدناها ، ومعنا من العساكر ما نقاوم بها من يرسم بقصده .
فبينما الخوض معهم في ذلك ركب السلطان
محمود من باب
همذان في عشرة آلاف فارس ، جريدة في جمادى الأولى ، وكتم مقصده ، وعزم على أن يكبس أخاه ، والأمير
كنتغدي ، فرأى أحد خواصه
تركيا من أصحاب الملك
طغرل ، فأعلم السلطان به ، فقبض عليه ، فعلم رفيق كان معه الحال ، فسار عشرين فرسخا في ليلة ، ووصل إلى الأمير
كنتغدي ، وهو سكران ، فأيقظه بعد جهد ، وأعلمه الحال ، فقصد الملك
طغرل ، فعرفه ذلك ، وأخذ متخفيا ، وقصد قلعة
سميران فضلا عن الطريق إلى قلعة
[ ص: 638 ] سرجهان ، وكانا قد فارقاها وجمعا العساكر ، وكان ضلالهما هداية لهما إلى السلامة ، فإن السلطان
محمودا جعل طريقه على
سميران ، وقال : إنها حصنهما الذي فيه الذخائر والأموال ، ، وإذا علما بوصوله إليهما ، فربما صادفهما في الطريق ، فسلما منه بما ظناه عطبا لهما .
ووصل السلطان إلى العسكر ، فكبسه ونهبه ، وأخذ من خزانة أخيه ثلاثمائة ألف دينار ، وذلك المال الذي أنفذه له ، وأقام السلطان
محمود بزنجان ، وتوجه منها إلى
الري ، ونزل
طغرل من
سرجهان ، ولحق هو
وكنتغدي بكنجة وقصده أصحابه ، فقويت شوكته ، وتمكنت الوحشة بينه وبين أخيه
محمود .