ذكر
حال دبيس وما كان منه
لما كان منه
ببغداذ وسوادها من النهب والقتل والفساد ما لم يجر مثله أرسل إليه الخليفة
المسترشد بالله رسالة ينكر عليه ، ويأمره بالكف ، فلم يفعل ، فأرسل إليه السلطان وطيب قلبه ، وأمره بمنع أصحابه عن الفساد ، فلم يقبل ، وسار بنفسه إلى
بغداذ ، وضرب سرادقه بإزاء دار الخلافة ، وأظهر الضغائن التي في نفسه ، وكيف طيف برأس أبيه ، وتهدد الخليفة ، وقال : إنك أرسلت تستدعي السلطان ، فإن أعدتموه ، وإلا فعلت وصنعت . فأعيد جواب رسالته : أن عود السلطان ، وقد سار عن
همذان ، غير ممكن ، ولكنا نصلح حالك معه .
وكان الرسول شيخ الشيوخ
إسماعيل ، فكف على أن تسير الرسل في الاتفاق بينه وبين السلطان ، وعاد عن
بغداذ في رجب .
ووصل السلطان في رجب إلى
بغداذ ، فأرسل
دبيس زوجته
ابنة عميد الدولة بن جهير إليه ، ومعها مال كثير ، وهدية نفيسة ، وسأل الصفح عنه فأجيب إلى ذلك على
[ ص: 652 ] قاعدة امتنع منها ، ولزم لجاجه ، ونهب جشيرا للسلطان . فسار السلطان عن
بغداذ ، في شوال ، إلى قصد
دبيس بالحلة ، واستصحب ألف سفينة ليعبر فيها ، فلما علم
دبيس مسير السلطان أرسل يطلب الأمان ، فأمنه ، وكان قصده أن يغالطه ليتجهز ، فأرسل نساءه إلى البطيحة ، وأخذ أمواله وسار عن الحلة ، بعد أن نهبها ، إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي ملتجئا إليه ، ووصل السلطان إلى الحلة ، فلم ير أحدا ، فبات بها ليلة واحدة وعاد .
وأقام
دبيس عند
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي ، وتردد معه ، ثم إنه أرسل أخاه
منصورا في جيش من قلعة جعبر إلى
العراق ، فنظر الحلة ،
والكوفة ، وانحدر إلى
البصرة ، وأرسل إلى
يرنقش الزكوي يسأله أن يصلح حاله مع السلطان ، فلم يتم أمره ، فأرسل إلى أخيه
دبيس يعرفه ذلك ، ويدعوه إلى
العراق ، فسار من قلعة جعبر إلى الحلة سنة خمس عشرة وخمسمائة ، فدخلها وملكها ، وأرسل إلى الخليفة والسلطان يعتذر ، ويعد من نفسه الطاعة ، فلم يجب إلى ذلك .
وسيرت إليه العساكر ، فلما قاربوه فارق الحلة ، ودخل إلى الأزبر ، وهو نهر سنداد ، ووصل العسكر إليها وهي فارغة قد أجلي أهلها عنها وليس بها إقامة فكانت الميرة تنقل من
بغداذ ، وكان مقدم العسكر
سعد الدولة يرنقش الزكوي ، فترك بالحلة خمسمائة فارس ،
وبالكوفة جماعة أخرى تحفظ الطريق على
دبيس ، وأرسل إلى عسكر واسط يحفظ طريق
البطيحة ففعلوا ذلك ، وعبر عسكر السلطان إلى
دبيس ، فبقي بين الطائفتين نهر يخاض فيه مواضع ، فتراسل يرنقش
ودبيس ، واتفقا على أن يرسل
دبيس أخاه
منصورا رهينة ، ويلازم الطاعة ، ففعل ، وعاد العسكر إلى
بغداذ سنة ست عشرة وخمسمائة .