ذكر
خروج الكرج إلى بلاد الإسلام وملك تفليس
في هذه السنة خرج
الكرج ، وهم الخزر ، إلى بلاد الإسلام ، وكانوا قديما يغيرون ، فامتنعوا أيام السلطان
ملكشاه إلى آخر أيام السلطان
محمد ، فلما كانت هذه
[ ص: 653 ] السنة خرجوا ومعهم
قفجاق وغيرهم من الأمم المجاورة لهم فتكاتب الأمراء المجاورون لبلادهم ، واجتمعوا ، منهم : الأمير
nindex.php?page=showalam&ids=12445إيلغازي nindex.php?page=showalam&ids=15862ودبيس بن صدقة ، وكان عنده ، والملك
طغرل بن محمد ، وأتابكه
كنتغدي ، وكان
لطغرل بلد
أران ،
ونقجوان إلى
أرس ، فاجتمعوا وساروا إلى
الكرج ، فلما قاربوا
تفليس ، وكان المسلمون في عسكر كثير يبلغون ثلاثين ألفا التقوا واصطفت الطائفتان للقتال ، فخرج من
القفجاق مائتا رجل ، فظن المسلمون أنهم مستأمنون ، فلم يحترزوا منهم ، ودخلوا بينهم ، ورموا بالنشاب ، فاضطرب صف المسلمين ، فظن من بعد أنها هزيمة ، فانهزموا ، وتبع الناس بعضهم بعضا منهزمين ، ولشدة الزحام صدم بعضهم بعضا ، فقتل منهم عالم عظيم .
وتبعهم الكفار عشرة فراسخ يقتلون ويأسرون ، فقتل أكثرهم ، وأسروا أربعة آلاف رجل ، ونجا الملك
طغرل ،
وإيلغازي ،
ودبيس ، وعاد
الكرج فنهبوا بلاد الإسلام ، وحصروا مدينة
تفليس ، واشتد قتالهم لمن بها ، وعظم الأمر ، وتفاقم الخطب على أهلها ، ودام الحصار إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة فملكوها عنوة .
وكان أهلها لما أشرفوا على الهلاك قد أرسلوا قاضيها وخطيبها إلى
الكرج في طلب الأمان ، فلم تصغ
الكرج إليهما فأخرقوا بهما ، ودخلوا البلد قهرا وغلبة ، واستباحوه ونهبوه ، ووصل المستنفرون منهم إلى
بغداذ مستصرخين ومستنصرين سنة ست عشرة وخمسمائة ، فبلغهم أن السلطان
محمودا بهمذان ، فقصدوه واستغاثوا به ، فسار إلى
أذربيجان ، وأقام بمدينة
تبريز شهر رمضان ، وأنفذ عسكرا إلى
الكرج ، وسيرد ذكر ما كان منهم ، إن شاء الله تعالى .